تعليق دعم "الأونروا".. مرحلة جديدة من الشراكة الصهيو-أمريكية في حرب الإبادة بغزةعواصم- سبأ: كشف القرار الذي اتخذته الولايات المتحدة الأمريكية وبعض الدول الغربية بقطع تمويل عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، أننا بتنا أمام مرحلة جديدة من الشراكة في حرب الإبادة الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني في غزة بهدف تركيعه ومحاولة تقويض مقوّمات صموده اليوم وبعد فشل إخراج قطاع غزة من معادلة قوة الردع التي فرضتها المقاومة الفلسطينية تستمر أمريكا بإنحيازها للعدوان بمحاولة إزالة عمل الوكالة الأممية نهائيا على اعتبارها شاهداً أممياً على المأساة الفلسطينية التي ينفذها كيان العدو الصهيوني في قطاع غزة وبالرجوع إلى التصريحات في هذا الشأن، نجد أن قرار أمريكا ومن تبعها من حلفائها إلى تعليق تقديم مساهماتهم المالية للـ"أونروا"، جاء استجابة لادعاء سلطات العدو الصهيوني مشاركة قرابة 12 موظفاً في الوكالة بعملية "طوفان الأقصى" في السابع من أكتوبر الماضي، فضلاً عن زعم الكيان الغاصب أن أكثر من 190 موظفاً من موظفي الوكالة الأممية، ينتمون إلى حركتي حماس أو الجهاد الإسلامي. والواقع أن الدول الـ18 التي أعلنت تعليق تمويل الأونروا وفي مقدمتها أمريكا تشارك فعلا في جريمة الإبادة الجماعية التي ترتكبها قوات العدو في غزة، سيّما أنه جاء كردة فعل انتقامية ضد قرار محكمة العدل الدولية بعد دعوى جنوب أفريقيا بارتكاب حرب إبادة في غزّة. وبحسب الأمم المتحدة، فإن الدول التي قرَّرت تعليق تمويلها للأونروا هي: الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا، واليابان، وإيطاليا، وبريطانيا، وفنلندا، وألمانيا، وهولندا، وفرنسا، وسويسرا، والنمسا، والسويد، ونيوزيلندا، وأيسلندا، ورومانيا، وإستونيا، والاتحاد الأوروبي. في المقابل، أعلنت كلٌّ من إسبانيا وأيرلندا والنرويج أنها لن تقطع المساعدات، لكنها أبدت استعدادها لدعم إجراء تحقيق في المزاعم الصهيونية. كما دعا ائتلاف يضم 20 منظمة إغاثة، بما في ذلك المجلس النرويجي للاجئين وأوكسفام ومنظمة إنقاذ الطفولة، إلى إعادة التمويل، قائلًا: إن تقديم الأونروا للمساعدات الإنسانية "لا يمكن استبداله". وبالحديث عن انجرار هذه الدول وراء الرواية الصهيونية وبإيعاز من الراعي الرسمي للإحتلال المتمثل بالإدارة الأمريكية رأى محللون وكتّاب سياسيون أن هذا الانجرار يأتي بمثابة تأييد للمجازر التي يقوم بها كيان العدو الصهيوني وغطاء للاستمرار بعملياته العسكرية كما يأتي ضمن التمادي في ازدواجية المواقف الدولية خاصة على الجانب الإنساني. كما يعكس هذا القرار بحسب المحللين السقوط الأخلاقي للمنظومة الغربية التي تقودها الولايات المتحدة بعد أن فشلت في حماية المبادئ التي تنادي بها، وفي مقدمتها حقوق الإنسان فضلًا عن استخدامها لحق النقض "الفيتو" ضد كل المشروعات التي طرحت في مجلس الأمن لوقف الحرب على غزة. وبيّن المحللون، أن التساوق الأمريكي مع الاتهامات الصهيونية للأونروا لا تتعدى كونها اتهامات تندرج تحت مفهوم الكيدية بعامل الانتقام للدور الذي لعبته الأونروا منذ العدوان الذي شنه الكيان الصهيوني على قطاع غزة، حيث رصد موظفوها في بياناتهم ما يثبت بالدليل القاطع جرائم الإبادة الصهيونية بحق الفلسطينيين. لذلك أثار القرار الأمريكي بتعليق تمويل الاونروا حفيظة المدير السابق لمنظمة هيومن رايتس ووتش كينيث روث، والذي كتب على حسابه في تويتر يقول "أتمنى لو كانت حكومة الولايات المتحدة سريعة في تعليق المساعدات العسكرية "لإسرائيل" بناء على قرار محكمة العدل الدولية بوجود إبادة جماعية معقولة "ناهيك عن الأدلة الوفيرة على جرائم الحرب" مثلما فعلت مع تعليق المساعدات للأونروا بسبب تواطؤ مزعوم لـ12 موظفا في هجوم السابع من أكتوبر الماضي. ووصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش قرار الدول التي علقت تمويلها لـ"الأونروا" بـ"القرار الكارثي"، لا سيما وأنها الوكالة الإنسانية الرئيسية في غزة، والتي يعتمد عليه أكثر من مليون شخص من أجل البقاء على قيد الحياة. في الاتجاه ذاته، وصف المتحدث الرسمي باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا في فلسطين كاظم أبو خلف قرار تعليق تمويل الأونروا بـ"الضربة القاضية" والذي سيؤثر بشكل كبير علي قطاع غزة بأكمله. وقال أبو خلف: إن "الوضع في قطاع غزة يزداد سوءا وتدهوراً جراء تقلص المساعدات التي تدخل القطاع".. مضيفاً: إن حوالي 50 في المائة من سكان غزة يتواجدون الآن في مدينة رفح. وأوضح أن ملامح المجاعة بغزة أصبحت واضحة، حيث لا تمثل المساعدات التي تدخل القطاع سوي "نقطة في بحر".. مذكرا بأن هناك زيادة في معدلات انعدام الأمن الغذائي بشكل حاد. وشدد أبو خلف على ضرورة التراجع الفوري عن قرار تعليق تمويل الأونروا حتى لا تتأثر الاستجابة الإنسانية في قطاع غزة.. مشيراً إلى أن الوكالة لا زالت على تواصل مع كافة الدول المانحة لتثنيهم عن قراراتهم. بدوره أكد القيادي في حركة حماس أسامة حمدان، إن مسلسل الاستهداف الممنهج لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا، من العدو الصهيوني والدول الداعمة له، يأتي إمعاناً في التضييق على الشعب الفلسطيني واضطهاده وخنقه وقتله وتهجيره. واعتبر حمدان هذا القرار تأكيدا من هذه الدول، "على انغماسها في سياسة التضييق على شعبنا، ومعاقبته جماعياً، والمشاركة الفعلية في حرب الإبادة". وقال: إن هذه الخطوة "تتساوَق بشكل كامل مع السعي الصهيوني المستمر لتصفية الأونروا والقضاء عليها، وإنهاء قضية اللاجئين الفلسطينيين".. لافتا إلى ما عبّر عنه وزير خارجية العدو الصهيوني، والذي أشار إلى "إنهاء الأونروا بمجرد انتهاء القتال في القطاع". وفي ممارسة سياسة النفاق المعتادة، عدّ القيادي في حماس موقف الإدارة الأمريكية والدول التي تبعتها في هذا التوقيت دليلا واضحا على أن إدارة بايدن تقود تحالفاً إجرامياً يتساوق بشكل فجّ مع السياسة الصهيونية في محاربة الشعب الفلسطيني وكسر إرادته وتصفية قضيته. ودعا هذه الدول إلى العودة الفورية عن هذا القرار، والكفّ عن الانسياق الأعمى وراء الرواية الصهيونية الكاذبة. الجدير ذكره أن وكالة الأونروا تأسست بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1949، وبدأت ممارسة عملها في عام 1950 لمساعدة وتشغيل اللاجئين الذين تعرضوا للتهجير القسري منذ عام 1948م بفعل عمليات الإرهاب والتهجير الصهيونية، التي طالت أبناء الشعب الفلسطيني الذين نزحوا إلى المخيمات بقطاع غزة والضفة الغربية واستمر دعم الوكالة لهذه الفئة من أبناء فلسطين في مناطق اللجوء بدول الجوار لبنان وسوريا والأردن. |
|