في ظل الحرب المُستمرة على غزة.. التطبيع السعودي الصهيوني يعود مُجدداً للواجهةصنعاء - سبأ: مرزاح العسل في ظل الحرب المُستمرة على قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر الماضي.. عاد الحديث عن عملية تطبيع العلاقات بين السعودية وكيان العدو الصهيوني إلى الواجهة في خضم تطورات متسارعة بحثاً عن صيغة هدنة في القطاع يقبل بها كل من رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو وحركة حماس. وفي هذا السياق، قال مستشار الأمن القومي الأمريكي، جيك سوليفان، في مقابلة مع صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية: إن "الولايات المتحدة لن توقع اتفاقية دفاع مع السعودية، إلا إذا وافقت على تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"".. مشددا على أنه "لا يمكنك فصل قطعة عن الأخرى". وأضاف سوليفان: إنه يتم النظر في اتفاق ثنائي بين إدارة بايدن والمملكة إذا رفضت "إسرائيل" تقديم تنازلات للفلسطينيين. فيما أفادت وكالة "بلومبرغ" الأمريكية يوم الخميس الماضي، نقلا عن مصادر وصفتها بـ"المطلعة"، بأن "السعودية والولايات المتحدة، قد تبرمان اتفاقا دفاعيا في الأسابيع المقبلة، وهذا ما يعني أيضا تطبيع العلاقات الدبلوماسية للمملكة مع "إسرائيل"". وفي وقت سابق، أعلنت أمريكا أنها "قريبة جدا" من التوصل إلى اتفاق بشأن الجزء الثاني من صفقة الحزمة المحتملة مع المملكة السعودية، والتي يجب أن تشمل التطبيع مع كيان العدو الصهيوني. كما صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، ماثيو ميلر، في مؤتمر صحفي، بأن "وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، التقى بولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، الأسبوع (الماضي)، عندما كان في الرياض، ونحن قريبون جداً من التوصل إلى اتفاق بشأن الأجزاء الثنائية من اتفاق التطبيع". وكان السفير الأمريكي لدى كيان العدو الصهيوني، جاك ليو، قد صرح، بأن "عملية طوفان الأقصى" من تنفيذ حركة حماس الفلسطينية، قلبت مخطط إبرام اتفاقية تطبيع بين إسرائيل والسعودية، رأسا على عقب". وفي جلسة نقاشية ضمن أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي، التي عقدت في العاصمة السعودية الرياض بداية الأسبوع الماضي بحضور عدد من وزراء الخارجية، أعلن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، أن "جهود العمل الثنائي السعودي الأمريكي المرتبط بتطبيع علاقات الرياض مع "إسرائيل" باتت قريبة جداً من الاكتمال". وفيما لم يشر وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال المنتدى الاقتصادي العالمي إلى احتمال تطبيع علاقات بلاده مع كيان العدو الصهيوني قريبا، إلا أنه توقع أن يتم "إبرام اتفاقيات ثنائية بين الرياض وواشنطن في القريب العاجل" في إشارة الى المفاوضات الجارية مع الولايات المتحدة بشأن اتفاق أمني. وقال ميلر في إيجاز صحفي: "هناك بعض التفاصيل التي علينا أن نستمر في العمل عليها، لكننا نعتقد أننا نستطيع التوصل إلى اتفاق على تلك التفاصيل في وقت قصير جداً".. مضيفاً: "لا يزال هناك المزيد من العمل للقيام به على جزء منفصل من الاتفاق وهو وضع مسار لإقامة دولة فلسطينية، لكننا نناقش ذلك عن كثب مع نظرائنا في السعودية مثلما فعلنا مع مجموعة أوسع من الدول العربية التي التقى الوزير (بلينكن) معها". وأوضح ميلر أن جميع جوانب الصفقة الضخمة التي تعمل أمريكا على التوسط فيها مع السعودية وكيان العدو الصهيوني مرتبطة ببعضها البعض ولن "يمضي أي منها دون الآخر". وتابع قائلاً: "في اتفاقية التطبيع، اتفاقية التطبيع المحتملة، التي نتحدث عنها مع السعودية، هناك عدة مكونات: أول مكون هو حزمة من الاتفاقيات بين الولايات المتحدة والسعودية، والمكون الآخر هو تطبيع العلاقات بين السعودية و"إسرائيل"، والحزمة الأخرى ستكون وضع مسار لحل الدولتين من أجل الشعب الفلسطيني". وأشار ميلر إلى أنه لا يوجد نقاش بين وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان حول "إسقاط" الجزء الثنائي المتعلق بالصفقة. ويشار إلى أن القيادة السعودية ظلت تبعث رسائل، على مدى العام الماضي، تشير فيها إلى عدم رفضها التطبيع مع كيان العدو الصهيوني من حيث المبدأ، ولكن بشروط واضحة. وكان ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد صرح في مقابلة تلفزيونية مع شبكة فوكس نيوز الأمريكية في سبتمبر الماضي، بأن بلاده "تقترب كل يوم أكثر فأكثر من تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" وأن المفاوضات تجري بشكل جيد حتى الآن". ومنذ ذلك التاريخ لم تُبدي الرياض أي رغبة في المضي في مساره وسط أجواء عربية ودولية مشحونة بمشاعر شعبية معادية للكيان الصهيوني الغاصب جراء الحرب في قطاع غزّة وما خلفته من ضحايا بين المدنيين ودمار شامل في القطاع. وفي خضم الحرب على غزة عاد السفير السعودي في لندن، الأمير خالد بن بندر، ليشير، في تصريحات أدلى بها لـ"بي بي سي" في العاشر من يناير الماضي، إلى اهتمام بلاده بتطبيع العلاقات مع الكيان الصهيوني بمجرد أن تضع حرب غزة أوزارها. وكشف بن بندر عن أن الاتفاق كان "وشيكا" عندما علقت السعودية المحادثات بوساطة أمريكية، إثر الحرب الصهيونية على غزة بعد هجمات السابع من أكتوبر.. مبيناً أن بلاده لا تزال تؤمن بإقامة علاقات مع الكيان الصهيوني، على الرغم من الخسائر الفادحة في الأرواح في غزة. وتشير التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية الأمريكي في الرياض إلى أن إدارة الرئيس بايدن تستعجل توقيت التطبيع السعودي مع الكيان الصهيوني، بقصد تحقيق إنجاز دبلوماسي كبير يشكل العنوان الرئيسي لحملة بايدن الانتخابية، ويحسب في رصيده السياسي ويوظف لمنافسة غريمه الجمهوري دونالد ترامب في استحقاقات نوفمبر المقبل. ويبدو أنه من الواضح أن الإدارة الأمريكية تجد نفسها في ظروف في غاية الصعوبة قد تعصف بما تبقى من فرص، على قلتها، لإعادة انتخاب الرئيس بايدن لولاية ثانية، فمن جهة تدرك أمريكا الشروط السعودية وبأن الرياض ليست على عجلة من عملية التطبيع، بل إن التطبيع غير وارد ما لم يتوقف القتال في غزة وتوضع معالم، وإن كانت عامة، لحل سياسي مقبول للقضية الفلسطينية على المدى المتوسط. ويرى مراقبون أن مواقف رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو تشكل حجر عثرة في وجه التطبيع مع السعودية وربما إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن، فقد أثبت نتنياهو أنه لا يأخذ مخاوف البيت الأبيض من خسارة الانتخابات الرئاسية على محمل الجد، كما أنه لا يأبه لتأخير عملية التطبيع مع السعودية لأنه يعتبرها حتمية، وسيأتي وقتها إن عاجلا أم آجلا. ويؤكد المراقبون أن نتنياهو يعي أن قطار التطبيع العربي مع كيانه الغاصب انطلق قبل أكثر من ثلاث سنوات وأنه ماضٍ في سكته، وقد يتوقف في بعض المحطات لبعض الوقت، لكنه سيواصل مساره لاحقا. الجدير ذكره أن إدارة بايدن تضغط من أجل التوصل لاتفاق ثلاثي لتشجيع الرياض على إضفاء الطابع الرسمي على العلاقات الدبلوماسية مع الكيان الغاصب كجزء من خطط لضمان سلام مستدام بالشرق الأوسط بعد هجوم حماس الأخير الذي أدى إلى حرب استمرت قرابة سبعة أشهر في غزة، وتأمل الإدارة الأمريكية في استخدام احتمال قيام السعودية (التي تعد "الجائزة الكبرى" للكيان الصهيوني منذ فترة طويلة) ودول إسلامية أخرى بتطبيع العلاقات لإقناع هذا الكيان الغاصب بالموافقة على تنازلات كبيرة للفلسطينيين. |
|