صنعاء - سبأ:
أكد قائد الثورة السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، أهمية ترسيخ المفهوم الصحيح للشهادة في سبيل الله ودورها في إحياء الأمة والثبات على موقف الحق.
وتوجه قائد الثورة في كلمته اليوم بالذكرى السنوية للشهيد 1444هـ، بالتحية والإعزاز والتقدير لكل أقارب الشهداء .. مشيراً إلى أن هذه الذكرى محطة للتزود بالعزم والبصيرة والوعي والكثير من الدروس.
وأوضح أن المجتمعات البشرية تمجد تضحيات من أسهموا في قضاياهم الكبرى ومن ضحوا من أجل مبادئهم وقضاياهم المصيرية ومن أجل حريتهم واستقلالهم وهذا شيء فطري في واقع بني البشر بشكل عام.
كما أكد أن الشعب اليمني في صدارة شعوب الأمة في مستوى ثباته وصموده وتضحياته وعطائه الذي لا يعتريه وهن ولا ضعف ولا استكانة.
ولفت إلى أن من المهم في هذه الذكرى التذكير بالمسؤولية تجاه أسر الشهداء والاشادة بهم وعطائهم وصبرهم وثباتهم ومواقفهم المشرفة.. مشيراً إلى ضرورة ترسيخ المفهوم الصحيح للشهادة ودورها الكبير في عزة وكرامة ونهضة الأمة وغير ذلك من النتائج المهمة للشهادة.
وقال" إن البعض من المثبطين، والمتخاذلين واليائسين والمنهزمين ومن الأعداء أيضاً يحاولون تقديم صورة مغلوطة عن الشهادة ومفهومها، وتصويرها وكأنها خسارة محاولين بذلك أن يفتوا في عضد الأمة وأن يوهنوا من عزمها ويضعفوا من قوة موقفها وإرادتها".
وبين قائد الثورة أن الشهداء مدرسة عظيمة تجسدت فيها القيم والاخلاق والمبادئ على أرقى مستوى من خلال استذكار سيرهم والحديث عنهم وكيف كان عطائهم وروحيتهم وأخلاقهم وما بذلوه من جهود تترك أثرا كبيرا لدى شباب الأمة والمجتمع بشكل عام للانشداد نحو التضحية والعطاء.
وأوضح أن الله جعل للشهداء مكانة وشرفاً كبيراً وجعل لهم استثناء في مسألة الموت بأن لا يكون مصيرهم الموت والفناء، ليكون الموت بالنسبة لهم حالة عابرة محدودة جدا ينتقلون من خلالها إلى حياة حقيقة فيها السعادة والتكريم الإلهي العظيم.
وأفاد بأن المثبطين يصورون الشهادة كخسارة في سعيهم لأن يبعثوا حالة الندم والأسف لدى أقرباء الشهداء، حيث يصورون تضحيات الشهداء وكأنها خسارة ونتاجا لعدم قبولهم برؤى المثبطين والمتخاذلين والمتنصلين عن أداء هذه المسؤوليات المقدسة.
وأكد قائد الثورة أنه لا نصر ولا حرية ولا كرامة ولا نهضة للأمة إلا إذا كانت في مستوى الاستعداد للتضحية، ولا يمكن لأمة يغلب عليها الذل والوهن والرهبة من الأعداء والخشية من التضحية أن تتحرر وأن تحظى بالعيش الكريم والعزة والمنعة.
وقال" إن الأهداف الكبرى في الحياة تتمثل في أن نكون أمة عزيزة حرة نتحرك باستقلال على أساس من انتمائنا للإسلام والهوية الإيمانية، وكل العناوين المهمة لا يمكن أن تتحقق إلا مع الاستعداد للتضحية".
وأضاف" إذا تنصلت الأمة عن هذه التضحية المقدسة فإنها ستقدم تضحية أكبر من نوع آخر وتكون خسائرها كبيرة ويحصل عليها الضيم والذل والاضطهاد من جانب الأعداء أكثر بكثير مما كانت ستقدمه في إطار تضحية مقدسة ثمارها عزة واستقلال وفوز برضوان الله".
وأكد قائد الثورة أن الأمة إذا اختارت الفرار من التضحية المقدسة التي لها نتائج مثمرة فهي تتجه إلى أن تدفع ثمنا باهضا وكلفة رهيبة ولا يمكن لها أن تسلم لا من أعدائها ولا من الموت.. لافتا إلى أن الكثير من أبناء الأمة قاتلوا وقتلوا حيث أرادت أمريكا وإسرائيل وهذا هدر واستنزاف للأمة.
وتطرق إلى الرؤية القرآنية للشهادة في سبيل الله التي تحتاجها الأمة في كل مراحلها وفي هذا المرحلة بشكل خاص لأنها تواجه تحديات كبيرة، وقطع أعداؤها شوطا كبيرا في استهدافها من الداخل طامعين في ثرواتها والسيطرة على بلدانها وشعوبها واستغلالهم لخدمة أعدائهم.
وذكر أن الأمة في حالة استهداف عدائي من أمريكا وإسرائيل وحلفائهم على كل المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والأخلاقية والاجتماعي والأمنية.. مشيرا إلى أن الأمة تستهدف أيضا نفسيا لضربها في كل عوامل القوة المعنوية التي تجعل منها أمة متحركة لمواجهة التحديات.
ولفت قائد الثورة إلى أن الأعداء يعملون من خلال الحرب الناعمة على إفساد شباب الأمة على المستوى الأخلاقي والفكري ليسهل السيطرة عليها، كما يعملون على تمييع شباب الأمة ودفعهم إلى الرذيلة كما يحصل في نشاط هيئة الترفيه في السعودية وفي المجتمعات الأخرى.. مشيرا إلى أن النظام السعودي يرعى ذلك النشاط الهدام والفاضح والمسيء لأخلاق الإسلام وقيمه.
وتابع" الأعداء يحاولون ضرب الروحية الإيمانية والاستشهاد في سبيل الله لأنهم يعرفون أهميته للارتقاء بمستوى الأمة، وفي المقابل يستخدمون سلاح الجبروت والبطش والهمجية والطغيان والتوحش والإجرام والقتل الجماعي والتدمير كوسيلة اخرى لإذلال الشعوب وكسر إرادتها وتحطيم معنوياتها بهدف إخضاعها".
كما أكد أن مفهوم الشهادة وفق الرؤية القرآنية يربي الإنسان على الإباء والعزة والكرامة ويرتقي بالأمة إلى كسر حاجز الترهيب والسطوة والجبروت، وبالتالي يرتقي بها إلى مستوى التحرك لمواجهة الأعداء مهما كان طغيانهم، والنماذج واضحة لمن حملوا هذا المفهوم في اليمن، وكيف تحركوا في الجبهات وقدموا أروع الأمثلة في البطولة والاستبسال والشجاعة وكذا في الجبهات الأخرى في فلسطين ولبنان والعراق ومختلف أقطار الأمة
وأشار السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، إلى أن الأمة تمر بحالة فرز على نحو غير مسبوق تجلى فيها من يوالي أمريكا وإسرائيل ومن يتجه تحت عناوين التطبيع مع كيان العدو ويشترك مع الأعداء في الحرب على الأمة.
وقال" حتى في هذه الأيام والدم الفلسطيني يسيل تستقبل دول عربية زعيم الصهاينة وتستضيفه وتحتفل به وتؤكد على علاقتها مع العدو الصهيوني وتعادي من له مواقف ضد العدو من أحرار الأمة.
وذكر أنه وفي إطار واقع الأمة وحالة الاستقطاب الحاد قد يغير البعض اتجاهه نتيجة للضغط بالترهيب والحملات الإعلامية المنظمة التي تتحرك تحت مختلف العناوين، لكن الإنسان بوعيه وصبره واستعداده للتضحية سينطلق بكل حرية وإباء وعزم قوي لا يؤثر عليه شيء.
وأضاف" هناك مشكلتان أساسيتان بسببهما يحارب تحالف العدوان شعبنا العزيز، تتمثل الأولى في التوجه التحرري لأبناء هذا البلد الذين يريدون لوطنهم أن يكون حرا عزيزا كريما مستقلا على أساس من هويته الايمانية وانتمائه للإسلام".
وبين أن الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني والكثير من الدول الأوروبية وأدواتهم الإقليمية السعودية والإمارات كلهم يريدون لليمن أن يكون محتلا خاضعا لهم بالمطلق وان تكون مصلحتهم هي المأخوذة بعين الاعتبار قبل كل شيء، وأن يجعلوا لهم قواعد عسكرية في أي مكان في هذا البلد في الجزر والمحافظات المهمة وأن يسطروا على منشآته الحيوية وأن يكون الوضع السياسي خاضعا لهم إلى درجة ان يختاروا من يكون رئيسا أو رئيس وزراء أو وزير أو غيره.
وأفاد بأنه وعلى مستوى الثروات يريدون ان تكون مصالح الشعب من نفط وغاز لهم وأن لا يحصل الشعب اليمني إلا على القليل من الفتات ويبقى وضعه الاقتصادي والمعيشي مأزوم للغاية ويعاني أشد المعاناة، فيما تذهب مئات المليارات لصالح الشركات الأوروبية وإعطاء بعض عملائهم من الخونة بعض الفتات كرشوة.
ولفت السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي إلى أنه عندما جاءت الهدنة وما بعدها وحتى اليوم، يستكثرون على الشعب اليمني أن يحصل على المرتبات من نفطه وغازه بينما هو حق مستحق بكل وضوح لكنهم يحاولون منع ذلك، كما يستكثرون على الشعب اليمني دخول المشتقات النفطية والبضائع والاحتياجات الضرورية إلا بعد عناء شديد.
وقال" يعترضون السفن في البحر بعد أن تكون قد حصلت على التراخيص وخضعت للتفتيش، ويقومون بتأخيرها لفترات طويلة كي تزيد الغرامات عليها لتزيد بذلك معاناة المواطنين".. مبينا أن الأعداء يستكثرون على المواطن ان تصل اليه البضائع بأسعارها الحقيقية، ويحرصون على أن تصل بأسعار باهظة، هكذا يعادون الشعب ويحاربونه في كل شيء في إطار توجههم العدائي له ولكل شعوب الأمة الإسلامية.
وأكد السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، أن السياسات العدائية لتحالف العدوان تلحق الضرر بكل الشعب اليمني حتى في المناطق المحتلة .. لافتاً إلى أن مشكلتهم مع الشعب اليمني أنهم يريدون يمنا محتلا فاقدا للاستقلال والحرية وخانعا ومستسلما لهم يتحكمون به في كل الأمور ويمسخون هويته الإيمانية التي شرفه الله ورسوله بها يوم قال عنه النبي "الإيمان يمان والحكمة يمانية".
كما أكد أن الأعداء لا يريدون أن يكون لليمن جيشاً وطنياً يحمي استقلال وسيادة البلد من الاحتلال الأجنبي، بل يريدون مجاميع تقاتل تحت إمرة الضباط الإماراتيين والسعوديين الذين هم في نفس الوقت تحت إمرة ضباط أمريكيين وبريطانيين وإسرائيليين.
وذكر أنهم يريدون أن يبقى البلد مأزوماً بالمشاكل الاقتصادية والسياسية والاجتماعية .. وقال" المعاناة التي نتعرض لها، ستكون أسوأ في حال فرطنا وقصرنا في تحمل المسؤولية، لذلك لا يمكن القبول على الإطلاق أن يأتي الأمريكي والبريطاني والسعودي والإماراتي ليضع قواعده العسكرية أينما يريد ويتحكم في الواقع السياسي وينهب ثروات البلد".
وأضاف" لقد فضحت المحافظات التي لا يوجد فيها جبهات مساعي الأعداء لإقامة قواعد عسكرية في حضرموت والمهرة وسقطرى، ما يكشف أنهم يريدون الاحتلال والسيطرة والتحكم بكل شيء وبنزعة عدائية إجرامية وبدون أي ذرة من الاحترام حتى للمرتزقة الذين خانوا وطنهم".
وتابع" مشكلتهم الثانية معنا أنهم يريدون أن نطبع مع إسرائيل وأن نعادي الشعب الفلسطيني وأحرار أمتنا والجمهورية الإسلامية في إيران دون أي سبب، رغم أن إيران لم تحاربنا أو تعتدي علينا بل أعلنت موقفا متميزا من بين كل الدول في مناصرة الشعب اليمني، لكن أمريكا وإسرائيل تريدان ذلك، كما تريدان أن نعادي حزب الله الذي وقف موقفا مشرفا مع الشعب اليمني".
وأردف قائد الثورة" على المستوى الوطني نصر على خيار التحرر والاستقلال والكرامة والعزة لبلدنا لأن هذا جزء من ديننا بل وأول عنوان لديننا".
وأكد قائد الثورة أن اليمن لن يعادي أي بلد إسلامي من أجل أمريكا وإسرائيل مهما فعل عملاؤهم .. وقال" موقفنا مبدئي وواضح تجاه أي بلد إسلامي ليس فقط إيران، ولسنا كالسعودي أو الإماراتي أو آل خليفة في البحرين نتلقى التوجيهات من أمريكا.
وأضاف" طالما يستكثرون على شعبنا الحصول على المرتبات وحقوقه المشروعة فهذه مشكلة كبيرة، ونحن لن نتنازل عن حقوق شعبنا وليس المقام مقام مناورات سياسية لأن البعض قد يتصور أننا لا نتملك المرونة السياسية".
وتساءل " هل المرونة ان نقبل باحتلال بلدنا وإخضاع هذا الشعب للهيمنة الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية والسعودية والإماراتية".. مؤكدا أن الكرامة والعزة أمر لا يمكن أن ندخله في مزاد المساومة ولا وجود له في قاموسنا السياسي، لأنه قاموس مبني على المبادئ والقيم والثقافة القرآنية.
كما أكد قائد الثورة عدم القبول بمنع وصول الاحتياجات الأساسية للشعب اليمني، هذه المشكلة التي تدور عليها رحى الصراع بيننا وبينهم، ولا زالت الأمور تراوح مكانها لأن الأمريكي وهو أصل المشكلة والمستفيد من الحرب لا يريد إلا سلاما يستفيد منه هو، وهذا السلام هو استسلام بالنسبة لنا وسيطرة على البلد ومصادرة للحرية والاستقلال وهذا ما لم ولن نقبل به".
وأشار إلى أنه "إذا اتجهت الأمور للتصعيد نتيجة لتصعيد العدوان على المستوى الاقتصادي أو العسكري فإننا معنيون بالاستعانة بالله للمضي بموقفنا نحو قوة أكبر وفاعلية أكثر".
وأضاف" الأعداء في هذه المرحلة يحاولون وضعنا أمام خيارات غير منصفة ولا عادلة ولا يمكن أن نقبل بالتفريط بكرامة شعبنا أو حريته واستقلاله، وموقفنا الثابت من قضايا أمتنا، ولدينا مرونة في تحقيق السلام العادل والمشرف، فنحن في موقف الدفاع عن بلدنا وشعبنا، ولكن إذا عادوا إلى التصعيد نحن مستعدون للتصدي لهم، وسنتحرك بما هو أكبر من كل المراحل الماضية".
ومضى قائلاً" أملنا في شعبنا أن يكون أقوى إرادة وأكثر عزما وبصيرة في مواصلة التصدي للأعداء.. لافتا إلى أن الصورة السوداوية لتحالف العدوان أصبحت معروفة في كل العالم، وأصبح صيت السعودية والإمارات إجرامي ووحشي.
وتطرق قائد الثورة في كلمته إلى الوضع الداخلي، مؤكدا أن العنوان الأساسي هو الحفاظ على تماسك الجبهة الداخلية والعمل على إصلاح الوضع المزري للجانب الرسمي نتيجة ما أصابه من تأثيرات طويلة وقديمة.
وأشار إلى أن الأعداء يستهدفون الوضع الداخلي ويستغلون أي مشكلة تحصل فيه.. لافتا إلى أهمية قيام المسؤولين بأداء مسؤولياتهم في خدمة الشعب ومعالجة الاختلالات وتجاوز المصالح الشخصية لما لذلك من أهمية كبيرة في الوضع الداخلي وتماسك مؤسسات الدولة.
وأكد أهمية السعي لتقوية العلاقة بين الجهات الرسمية والشعبية وأن تتضافر الجهود بين الجميع لتحقيق النتائج المهمة.. مشيرا إلى أن الأعداء يعملون تحت عنوان العنصرية ليلا نهارا لخلق المشاكل بين أبناء الشعب اليمني.
وقال" نحن أبناء وطن واحد وأمة واحدة همها ومصيرها واحد، ويجب أن نعزز حالة التعاون والأخوة لضرب مساعي التفرقة، كما أن العدو لا يألوا جهدا في استغلال المشاكل والنزاعات حتى بين القبائل لتأجيج الفتنة وسفك الدماء".
وحذر السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي من العناوين المذهبية، حاثا الجميع على السعي لترسيخ الهوية الجامعة والقواسم المشتركة والروابط العظيمة التي تجمع أبناء الشعب اليمني والوعي بأساليب الأعداء التي يعملون من خلالها على تفكيك الجبهة الداخلية.
كما حث على الاستفادة من مدرسة الشهداء، كونها تعالج كل حالات الانانية واليأس والعجز والإحباط وضيق الأفق وضعف الهمة وتحيي الروحية الإيمانية والجهادية وتبعث العزم والأمل.
وأكد أن الوفاء للشهداء مسؤولية الجميع، من خلال الثبات على الموقف الحق والتمسك بالأهداف العظيمة والمقدسة.. مبينا أن الشهداء فازوا وتجاوزوا مرحلة الاختبار، وفي الطريق الطويل بعض الناس قد تتغير مواقفهم وتصبح أهدافهم شخصية.
وأشاد بإنشاء الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء، معبرا عن الأمل في تعاون كل الجهات الرسمية معها، وأن يتعاون الجانب الرسمي والشعبي في العناية بأسر الشهداء في كل المجالات، ماديا وتربويا واجتماعيا وفي كل الجوانب.
وجدد قائد الثورة التأكيد في ختام كلمته على ضرورة الاهتمام والعناية بالأنشطة والبرامج الخاصة بالذكرى السنوية والاستفادة منها.