السودان.. وضع كارثي وتدخلات خارجية وتحذيرات من حرب أهلية


https://sabanews.info/ar/news3246657.htm

وكاله الانباء اليمنيه سبأ | سبأنت
السودان.. وضع كارثي وتدخلات خارجية وتحذيرات من حرب أهلية
[15/ يونيو/2023]
عواصم- سبأ:

تواصلت المعارك والاشتباكات بين الجيش الوطني والتدخل السريع في السودان عموما والعاصمة الخرطوم خصوصا في ظل أوضاع صعبة للغاية وتدخلات خارجية تزيد من أمد الصراع الأمر الذي ينذر بأن البلاد وصلت إلى أزمة ووضع كارثي غير مسبوق في تاريخها.

وفي هذا الإطار، ارتفعت حصيلة الضحايا بين المدنيين جراء الاشتباكات الجارية بين الجيش وقوات الدعم السريع، إلى 958 حالة وفاة و4746 مصاباً حسبما أعلنت نقابة الأطباء السودانية، الأربعاء.

وفي بيان نشرته عبر صفحتها على موقع "فيسبوك" قالت النقابة : "ارتفع عدد الوفيات بين المدنيين منذ بداية الاشتباكات إلى 958 حالة وفاة، و4746 حالة إصابة.

وأشارت إلى أن هناك "العديد والكثير من الإصابات والوفيات غير مشمولة في التقرير ولم نتمكن من الوصول إلى المستشفيات لصعوبة التنقل والوضع الأمني السائد في البلاد".

وتابعت النقابة: "هناك عددا كبيرا من الضحايا، بينهم أطفال ونساء وكبار السن، نتيجة الاقتتال في مدينة الجنينة".

ووصفت النقابةً الوضع في هذه المدينة بأنه "كارثي والأسوأ على الإطلاق"، حيث تعذر تماماً حصر الضحايا في هذه المدينة نظراً لخروج جميع المستشفيات عن الخدمة، وحصار المدينة بالكامل وانقطاع الاتصالات عنها.

في السياق ذاته، حذر رئيس بعثة الأمم المتحدة في السودان فولكر بيرتس من أن أعمال العنف التي يشهدها إقليم دارفور قد ترقى إلى "جرائم ضد الإنسانية".

وقال بيرتس في بيان له الثلاثاء الماضي إنه منذ اندلاع المعارك الأخيرة في أبريل الماضي "استمرت الأوضاع الأمنية وحقوق الإنسان والوضع الإنساني في التدهور السريع في جميع أنحاء البلاد، لا سيما في مناطق الخرطوم الكبرى ودارفور وكردفان".

وأضاف: "مع استمرار تدهور الوضع في دارفور، يساورني القلق بشكل خاص إزاء الوضع في الجنينة (غرب دارفور) في أعقاب موجات العنف المختلفة منذ أواخر أبريل الماضي والتي اتخذت أبعادا عرقية".

وتحدث عن "نمط ناشئ من الهجمات واسعة النطاق التي تستهدف المدنيين على أساس هوياتهم العرقية والتي يُزعم أنها ارتُكِبَت من قبل ميليشيات عربية وبعض الرجال المسلحين الذي يرتدون زي قوات الدعم السريع. هذه التقارير مقلقة للغاية، وإذا تم التحقق منها، فقد ترقى إلى جرائم ضد الإنسانية".

وأعرب بيرتس عن إدانة الأمم المتحدة "بأشد العبارات جميع الهجمات التي تستهدف المدنيين والبنية التحتية المدنية مهما كان شكلها وأيا كان مرتكبوها المزعومون".. مشددا على ضرورة "أن تفيَ قوات الأمن والجهات المسلحة غير الحكومية بواجبها بموجب القانون الإنساني الدولي المتمثل باحترام الحق في الحياة والامتناع عن الهجمات ضد المدنيين".

وكانت الحكومة السودانية اعتبرت بيرتس الأسبوع الماضي شخصا "غير مرغوب فيه"، لكن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جدّد ثقته به.

وسبق أن طلب البرهان استبدال بيرتس متهما إياه بتأجيج النزاع.

الأمم المتحدة :العنف في دارفور مروع:

أعربت المستشارة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بمنع الإبادة الجماعية أليس نديريتو عن القلق من التقارير التي تفيد باستغلال الجماعات المسلحة الفراغ الأمني وفجوة الحماية في عدة ولايات سودانية.

وتزعم التقارير بمقتل المئات وأصابة عدد أكبر في الاشتباكات بين أفراد قبائل مختلفة، بما في ذلك نهب وإحراق المنازل بالإضافة إلى هجوم على مستشفى الجنينة في غرب دارفور.. مع فرار آلاف المدنيين من جميع المجتمعات من النزاع".

وتطرقت التقارير الى أن العنف في غرب دارفور مروّع.. وإذا استمر، يمكن أن يتطور إلى حملات متجددة من القتل والتطهير العرقي، التي ترقى إلى مستوى الجرائم الفظيعة".. وحرق مركز إيواء النازحين في مدرسة الإمام الكاظم بمدينة الجنينة بولاية غرب دارفور، في 27 أبريل 2023 في سياق القتال الدائر في السودان.

تحذير من نشوب "حرب أهلية":

وأفادت المستشارة الخاصة بالإبلاغ عن اندلاع أعمال عنف واشتباكات قبلية في أجزاء أخرى من البلاد، بما في ذلك في شمال وجنوب كردفان وكذلك في ولايات النيل الأزرق.

وحذرت المستشارة الخاصة من أنه إذا تُرك هذا العنف دون معالجة، فقد يغرق البلد بأكمله في حرب أهلية، في ظل المخاطر العالية لارتكاب جرائم فظيعة.

وفي هذا السياق، شددت المستشارة الخاصة على ضرورة أن يتحمل قادة طرفي النزاع- الجيش السوداني وقوات الدعم السريع- مسؤولية حماية المدنيين وكذلك احترام القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني. كما دعت إلى وقف عاجل وموحد لإطلاق النار، وإلى المساءلة عن انتهاكات وتجاوزات حقوق الإنسان.

وقد اندلعت المعارك في 15 أبريل الماضي، بين وحدات من الجيش السوداني موالية لرئيس مجلس السيادة القائد العام للقوات المسلحة، الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة نائب رئيس مجلس السيادة الفريق أول محمد حمدان دقلو، المعروف باسم حميدتي.

واندلعت هذه المعارك التي وصلت الى قلب العاصمة، وهي الأولى منذ أن اشترك البرهان وحميدتي في الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019، بسبب خلاف حول دمج قوات الدعم السريع في الجيش، في إطار المرحلة الانتقالية نحو الحكم المدني، والتي كان انقلاب عسكري، في أكتوبر 2021، قد أعادها للمربع صفر.

وكان الصراع حينها على السلطة قد بدأ بين اللاعبين الرئيسيين قائد الجيش البرهان ونائبه حميداتي قائد ميليشيات الدعم السريع.

ولم تنفجر الأوضاع في السودان فجأة بطبيعة الحال، فالتحشيد بين الجانبين كان مستمراً حينها منذ تباين وجهات النظر وسعي كلا منهما للانفراد بالسلطة وتبادل الاتهامات في هذا الجانب.

وسبق التوقيع على اتفاق إطاري جديد تضمن بند دمج قوات الدعم السريع في القوات المسلحة وفق جداول زمنية محددة.

وحدد هذا الاتفاق القوات النظامية في الجيش والشرطة والمخابرات العامة والدعم السريع رغم أنها قانوناً تابعة للجيش، وهو ما أثار حفيظة العسكريين، وخلال الثلاثة شهور الماضية تفاقمت الخلافات بين الجيش والدعم السريع على خلفية هذه القضية واعتبرها قادة الجيش أمناً قومياً للسودان.

ومع تفاقم حدة الأزمة أواخر فبراير الماضي، حشد حميدتي قرابة 30 ألف مقاتل إضافي إلى قواته بالخرطوم تحسباً لأي تحركات من الجيش، غير أن وساطات جمعته بالبرهان بداية مارس بهدف التهدئة، وطلبت قيادات الجيش من حميدتي إعادة قواته إلى أماكنهم خارج الخرطوم لكنه لم يستجب.

وفشل الجانبان في 26 مارس الماضي أيضاً في الخروج بتوافق بين ممثلي الجيش والدعم السريع ليتم إرجاء التوقيع على الاتفاق النهائي وتشكيل الحكومة الذي كان مقرراً له بداية أبريل.

التدخلات الخارجية في السودان:

كانت الساحة السودانية على مدى زمن طويل مسرحاً للتسابق والتدخلات الخارجية وسعت تلك الدول إلى فرض صيغة معينة للحكم في السودان باعتبار هذه الصيغة هي النموذج للانتقال الديمقراطي في البلاد.

وهناك أكثر من مبادرة تدفعها أكثر من رؤية ومصلحة للتدخل في الشأن السوداني، فالولايات المتحدة تصارع روسيا في السودان، وتقوم بدعم المكون المدني، ليس من موقف أخلاقي ولا مبدئي، فكثيراً ما دعمت أمريكا انقلابات عسكرية في مختلف العالم كانت ترى فيها مصالحها، ولكنها ترى في عسكر السودان تقاربا مع روسيا.

أما محور السعودية والإمارات، فيميل إلي بقاء العسكر في رأس السلطة، بمشروع يوقف مدّ الثورات الشعبية والتحول الديمقراطي في السودان وانضمام البلاد إلى نادي التطبيع الصهيوني.

وكانت هناك وساطات أخرى أقل تأثيراً في المشهد السياسي السوداني مثل وساطة الاتحاد الإفريقي، ووساطة دولة جنوب السودان التي عاد وفدها إلى جوبا دون أن يعلن تقدما باتجاه اختراق المواقف المتباعدة بين الجانبين.

التدخل السعودي الإماراتي بالسودان:

لتأثير على ما يجري في السودان منذ زمن، كشفت صحيفة "نيويورك تايمز" في السنوات الماضية أن الولايات المتحدة -التي ظلت تؤثر بشكل كبير فيما يجري في السودان خلال الـ 25 سنة الماضية- تلتزم الصمت حاليا تجاه تدخل السعودية والإمارات في الشأن السوداني.

وأوضحت الصحيفة الأمريكية حينها وتحديدا 27 /4 / 2019 م في تقرير لها من الخرطوم أن أمريكا -التي وصفتها بأنها كانت غارقة في الشؤون السودانية إلى درجة أنها كانت العامل الرئيسي في تشكيل علاقة الخرطوم بالعالم الخارجي- تغيب الآن في لحظات حرجة يتشكل فيها مستقبل السودان ويُترك مصيره للرياض وأبو ظبي.

وحددت الصحيفة الخطوات التي اتخذتها الرياض وأبو ظبي حتى اليوم دعما لسلطة عسكرية بالسودان ومنعا لأي تحول إلى الحكم المدني أو الديمقراطي، ومن بين ذلك تقديم معونات نقدية وسلعية وطبية قيمتها ثلاث مليارات دولار وإرسال مبعوثيهما إلى الخرطوم.

وقالت "نيويورك تايمز" إن زمام المبادرة تجاه السودان التقطته السعودية والإمارات، كاشفة عن أن خمس قوى سودانية معارضة بينها عدد من الحركات المسلحة زارت أبو ظبي مؤخرا لإجراء محادثات لإقناعها بالانضمام لحكومة يقودها العسكريون دون أن يغفل ذلك التقريرعن المعارضة الشديدة من السودانيين للتدخل السعودي الإماراتي والشعارات التي عبروا بها عن هذا الرفض.

شهران من المعارك والاقتتال:

أدت المعارك والاقتتال في السودان بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو منذ اندلاعها في 15 أبريل الماضي إلى مقتل أكثر 1800 شخص، وفق مشروع بيانات الأحداث وموقع النزاع المسلح "أكليد".

وتسببت الاشتباكات الحالية في السودان بنزوح حوالي مليوني شخص، بينهم أكثر من 476 ألفاً عبروا إلى دول مجاورة، بحسب المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة.

وأعلنت نقابة أطباء السودان مؤخراً أن 66 في المائة من المستشفيات في مناطق الاشتباكات متوقفة عن الخدمة بإلاضافة الى أن عدداً كبيراً من تلك المستشفيات المتبقية تعمل بشكل جزئي، وهي مهددة بالإغلاق نتيجة نقص الكوادر الطبية والإمدادات الطبية والتيار المائي والكهربائي.