صنعاء- سبأ: مرزاح العسل
وسط صمت عربي مُريب واستفزازاً لمشاعر أكثر من ملياري مسلم حول العالم، وهروباً من أزمات كيانهم الغاصب وبمشاركة وزراء في حكومة العدو الصهيوني الإرهابية.. نفذ الآلاف من قطعان المستوطنين الصهاينة، أكبر اقتحام لباحات المسجد الأقصى المبارك خلال هذا العام وبحماية مشددة من شرطة العدو الصهيوني.
وفي هذا الصدد.. أفادت دائرة الأوقاف الإسلامية في القدس بحسب ما نقلته وكالة "فلسطين اليوم" الإخبارية، بأن نحو 2140 مستوطناً صهيونياً اقتحموا الخميس، باحات المسجد الأقصى المبارك تحت حماية مباشرة من شرطة العدو الصهيوني، ونفذوا جولات استفزازية وأدوا طقوسا تلمودية.
ومنذ ساعات فجر الخميس، اقتحم الآلاف من قطعان المستوطنين ساحة البراق، ونفذوا جولات استفزازية بأزقة القدس القديمة، فيما احتشد المئات منهم قبالة باب المغاربة قبيل اقتحام الأقصى، وذلك تلبية لدعوة الجمعيات الاستيطانية لتنفيذ اقتحامات جماعية للأقصى.
وبدأت جماعات المستوطنين اقتحامها لباحات الأقصى من جهة باب المغاربة بقيادة ما يسمى بوزير أمن كيان العدو الصهيوني إيتمار بن غفير، ومشاركة ما يسمى وزير النقب يتسحاق فاسرلاوف ومجموعة من الحاخامات، وبحراسة مشددة من شرطة العدو في ذكرى ما يسمونه "خراب الهيكل" المزعوم.
وبالتزامن مع اقتحام مئات المستوطنين لباحات المسجد الأقصى اقتحمت قوات كبيرة من شرطة العدو وبشكل استفزازي، مصلى قبة الصخرة في المسجد الأقصى المبارك، وقامت بوضع عناصرها على مداخله، واستولت على مفاتيحه بعد الاعتداء على حراس المسجد بالضرب.
وتُعد هذه المرة الثالثة لاقتحام زعيم حزب "القوة اليهودية" اليميني المتطرف "بن غفير" المسجد الأقصى، منذ تسلمه منصبه كوزير ما يسمى بالأمن القومي الصهيوني بداية العام الجاري، وكان له اقتحامان سابقان في يناير، ومايو الماضيَين، تسببا في انتقادات دولية وعربية وإسلامية واسعة لحكومة العدو الصهيونية.
وباتت اقتحامات المستوطنين الصهاينة عادة يومية مُكررة وعلى فترتين؛ صباحية ومسائية، باستثناء الجمعة والسبت (العطلة الرسمية لدى كيان العدو الصهيوني)، وبحماية أمنية مشددة من شرطة العدو الصهيوني والقوات الخاصة المسلحة التابعة لها.
وزارة شؤون القدس نددت بالاقتحامات المتجددة لما يسمى بوزير الأمن القومي الصهيوني إيتمار بن غفير للمسجد الأقصى.. معتبرة ذلك استفزازا لمشاعر المسلمين حول العالم واستهتارا بالعالم.
وقالت الوزارة في بيان لها الخميس وفقاً لوكالة "فلسطين اليوم": "إن إقدام المتطرف بن غفير على اقتحام المسجد الأقصى للمرة الثالثة هو استفزاز مقيت ومرفوض ومدان لمشاعر المسلمين حول العالم".. مضيفة: "تجديد بن غفير اقتحامه هو بمثابة رسالة استهتار وتحدٍ من حكومة العدو للمجتمع الدولي الذي سبق أن أدان اقتحاماته السابقة وطالب بوقفها".
ولفتت الوزارة إلى أنه ما كان للمتطرف بن غفير وما يسمى وزير النقب يتسحاق فاسرلاوف اقتحام الأقصى دون موافقة من حكومة العدو الصهيونية التي تحاول تصدير أزماتها الداخلية.. معتبرة أن ما جرى هو بمثابة استباحة من مسؤولي حكومة العدو الصهيوني وأنصارها من المستوطنين الصهاينة الذين لا يُخفون مخططاتهم الخبيثة ضد الأقصى، ويسعَون إلى نسف الوضع القانوني والتاريخي القائم، من خلال انتهاك حرمته عبر الاقتحامات وأداء الطقوس التلمودية في باحاته.
وحذرت الوزارة في بيانها من أن حكومة العدو وقطعان المستوطنين يريدون دفع الأمور نحو حرب دينية عبر التغول في استفزاز مشاعر المسلمين في كل أنحاء العالم.. داعية إلى وقفة عربية وإسلامية ودولية إزاء هذه الجرائم المتعمدة من حكومة العدو.
وشددت الوزارة على أن المسجد الأقصى للمسلمين وحدهم، وانتهاكات العدو الصهيوني وأعوانه فيه لا تمنحهم أي حق أو مكان فيه.
خبراء سياسيون ومراقبين وصفوا الاقتحام من قبل المستوطنين الصهاينة لباحات المسجد الأقصى المبارك، وسط حماية مشددة من شرطة العدو، بالتصرف المستفز تجاه المسلمين، ولولا الصمت العربي المخزي لما زادت حدة وشراسة الهجمة الصهيونية التي تهدف إلى السيطرة على المسجد الأقصى.. مؤكدين أن الموقف العربي والإسلامي لم يرتقِ لأكثر من بيانات الاستنكار.
واعتبر المختص في شؤون القدس، فخري أبو دياب، في تصريح نقلته وكالة "فلسطين اليوم" أن الاقتحام الواسع من قبل المستوطنين الصهاينة للمسجد الأقصى هو اعتداء وتصعيد يهدف العدو الصهيوني من خلال إلى "أسرلة" وتهويد المسجد الأقصى بقوة كبيرة.
وعبر أبو دياب عن اعتقاده بأن الصمت العربي يعطي الضوء الأخضر للعدو للمزيد من التغول على المقدسات واستفزاز مشاعر المسلمين وانتهاك حرمة المسجد الأقصى الذي هو جزء من عقيدة المسلمين.
وقال: "اليوم أصبحت نصرة المقدسات والمسجد الأقصى ليست على أولويات الدول العربية والإسلامية إلا من رحم الله".. مبيناً أن العدو الصهيوني يستغل هذه الظروف بمحاولات الضغط على المرابطين والمقدسيين لدفعهم للاستسلام أو الرضوخ أو قبول مخططات الاحتلال بتغيير الوضع القائم بالأقصى.
ورأى أبو دياب، أن هذا التصعيد من قبل العدو الصهيوني يأتي في ظل ما تعانيه حكومته من أزمات داخلية.. مؤكداً أن هؤلاء المستوطنين الذين اقتحموا الأقصى يحاولون تصدير أزماتهم الداخلية خارج المجتمع الصهيوني.
وأوضح أن قطعان المستوطنين الصهاينة من خلال هذه الاقتحامات الواسعة للمسجد الأقصى يسعون لإيهام المجتمع الصهيوني بمحاولة تحقيق إنجازات على مستوى المسجد الأقصى وتهويده.. مشدداً على أن العدو الصهيوني يحاول الآن الانقضاض على المسجد الأقصى في هذه الفترة التي ينشغل فيها العالم والأمة العربية بأزماتها.
بدوره.. اعتبر الكاتب والمختص في الشأن الصهيوني، عصمت منصور، في تصريحات لوكالة "فلسطين اليوم" أن هذه الاقتحامات للأقصى هي جزء مكمل لأفكار حكومة العدو اليمينية المتطرفة برئاسة نتنياهو.. مؤكداً أن هذه الحكومة الإرهابية لها أجندة واضحة تتعلق بحسم الصراع والاستيطان وتصفية الوجود الفلسطيني.
وشدد على أن حكومة الإرهاب الصهيوني تنفذ برنامجها "الديني" وتستغل كافة الظروف الداخلية والعربية والعالمية والفلسطينية الضعيفة والمنقسمة من أجل المُضي في تهويد المسجد الأقصى المبارك.. مُعبراً عن اعتقاده بأن حالة الصمت العربي بالإضافة للحالة الفلسطينية المنقسمة تساهم في استمرار هذه الاقتحامات للأقصى وتوسعها، وأخذها للطابع الاستفزازي.
وكان خطيب المسجد الأقصى ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري قد أكّد في تصريح له نقلته وكالة "فلسطين الآن" أنّ دعوات المستوطنين بقيادة وزراء صهاينة في حكومة بنيامين نتنياهو أعضاء في "الكنيست" إلى تنظيم "مسيرات أعلام استيطانية" واقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك إحياء لما يُسمى "خراب الهيكل"، جريمة قديمة جديدة يريد قادة الكيان الغاصب منها تخفيف الضغط عن الأزمات الحقيقية والمتصاعدة في الشارع الصهيوني.
وقال الشيخ صبري: إنّ قادة العدو يستغلون "أعيادهم" المزعومة، لتنفيذ اقتحامات للمسجد الأقصى المبارك وتدنيسه وانتهاك حرماته، لكّن الهدف الحقيقي هو تصدير أزماتهم الداخلية المستمرة والمتصاعدة إلى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين".
من جهته، أكد وزير الأوقاف الفلسطيني حاتم البكري، أن "اقتحام بن غفير وقطعان المستوطنين للمسجد الأقصى، يأتي ضمن خطة مرسومة من قبل حكومة العدو الصهيوني، تعمل عليها منذ فترة، لكنها تكررت بشكل يومي مؤخرًا".
وقال في تصريحات خاصة لـوكالة "سبوتنيك": إن "اقتحام المسجد بات سياسة ممنهجة لحكومة نتنياهو، التي ترى أن هذه الخطوة أكثر ما يمكن الاستقواء بها، لزيادة قوتها في الشارع الصهيوني، حيث يعتقد جميع وزراء حكومة نتنياهو أنها للحفاظ على وجودهم وبقائهم واستمرارهم في مناصبهم، وتنبع من خلال عملية الدخول لباحات المسجد".
وأوضح الوزير البكري أن "الأزمات الداخلية الصهيونية لم تمنع الحكومة عن هذه الإجراءات والجرائم، باعتبار أن المجتمع الصهيوني في هذه المرحلة بات متطرفًا بشكل عام، والأصوات القليلة التي تقف ضد هذه الخطوات خافتة ولا قوة لها أمام التيار الجارف المؤيد لعملية التوغل والاقتحام والسيطرة على المسجد الأقصى المبارك".
وتعليقاً على ردة الفعل الدولية والعربية، قال البكري: إن "المجتمع الدولي في سبات عميق، وكذلك المجتمع العربي والإسلامي، حيث لم يعد له القوة الضاغطة في مواجهة الإجراءات الاحتلالية الصهيونية التي تحاول السيطرة على المسجد الأقصى".
ورأى البكري أن الصوت العربي والإسلامي في الحفاظ على المسجد والوقوف ضد عمليات التهويد واستهداف وجود الفلسطينيين داخل المدينة المقدسة يبدو خافتًا للغاية، في ظل الاستهداف المتكرر للمؤسسات والإمكانيات الفلسطينية هناك.
حركة الجهاد الإسلامي وعلى لسان عضو مكتبها السياسي ناصر أبو شريف، أكدت أن الاقتحامات اليومية لباحات المسجد الأقصى المبارك رسالة تحدي من العدو الصهيوني لكل العالم وللمنظمات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان وللقانون الدولي وللدول الإسلامية وللدول العربية.
وقال أبو شريف في حديث خاص لوكالة "فلسطين اليوم": "إن الاقتحامات لباحات الأقصى هي استكمال للمشروع الصهيوني الذي تضعه حكومة نتنياهو على رأس أولوياتها وهو تهويد القدس والمسجد الأقصى المبارك وبسط سيطرته وسيادته".
وأضاف:" المطلوب اليوم من شعبنا الفلسطيني أمام مشاريع العدو الصهيوني بحق الأقصى والقدس وفي ظل تجاهل العالم للمشاريع التهويدية التي يخطط لها العدو، جمع أحرار العالم للتصدي لمشاريع الصهيونية الفاشية والاتفاق على برنامج نضالي موحد هدفه إفشال برنامج الحكومة الصهيونية سواء التهويد أو الضم للأراضي الفلسطينية".
الجدير ذكره أن الاقتحامات الصهيونية هذا للمسجد الأقصى المبارك جاءت متزامنة مع تكرار الإساءة للقرآن الكريم في كلاً من دولتي السويد والدنمارك، في استفزاز صارخ ومُتعمد لمشاعر أكثر من ملياري مسلم حول العالم، وازدراء لمعتقداتهم وإهانة لمقدساتهم الإسلامية، ويجب أن يتوحد جميع المسلمين في مواقفهم لوقف مثل هذه الاستفزازات من قبل أعداء الإسلام.