صنعاء - سبأ :
لم تكن قد مضت سوى ساعات على إعلان نداء قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي لجماهير الشعب اليمني، للخروج في مظاهرات ومسيرات كبرى، في ميدان السبعين بصنعاء وساحات المحافظات، إلا أن النتيجة كانت مذهلة وغير متوقعة وجسدت حالة الارتباط والتماهي بين هذا الشعب الأصيل وقيادته.
وللمرة الأولى عجز ميدان السبعين بالعاصمة صنعاء عن احتواء الحشود الملايينية التي تدفقت إليه من كل حدب وصوب على شكل سيول بشرية هائلة تلبية لنداء السيد القائد لتشكل بحجمها الكبير الواسع على امتداد الميدان الأكبر والشوارع المحيطة والمتصلة به طوفانا من البشر أذهل كل المتابعين على المستوى المحلي والإقليمي والدولي.
لبى ملايين اليمنيين دعوة قائدهم وخرجوا ليسمعوا كل العالم صوتهم وكلمتهم وثبات موقفهم الإيماني والأخلاقي والإنساني فـي نصرة الشعب الفلسطيني المظلوم، الذي يرتكب الصهاينة اليهود بحقه أبشع جرائم القتل والإبادة الجماعية، ويدمرون مدنه ومساكنه في غزة بشكل كامل، ويتفننون فـي ممارسة أبشع الجرائم بحقه على مرأى ومسمع من كل شعوب العالم.
أثبت الشعب اليمني بخروجه الملاييني غير المسبوق في مسيرات "دماء الأحرار.. على طريق الانتصار" ما كان قد أشار إليه قائد الثورة في خطابه التاريخي الأخير في العشرين من ديسمبر بأن اليمنيين لم يسبق أن أجمعوا على رأي أو قضية مثلما هم عليه اليوم في وحدة الموقف تجاه القضية الفلسطينية ومناصرة الشعب الفلسطيني والمجاهدين في غزة والأراضي المحتلة.
استطاع هذا القائد الحكيم والملهم بل والاستثنائي أن يجعل من شعبه وبلده اليمن جبهة فعالة ومؤثرة على الكيان الصهيوني حتى أصبح الصهاينة ومن خلفهم أمريكا وبريطانيا وفرنسا وكل قوى الشر في العالم يحسبون له ألف حساب.
وبهذه المواقف العظيمة يواصل الشعب اليمني وقائده الحر الشجاع تقديم النموذج المشرق والمشرف لكل أحرار العالم، ويبعثون الأمل للمستضعفين والمظلومين وفي مقدمتهم أبناء الشعب الفلسطيني الذين خذلهم أبناء جلدهم العرب والمسلمين وكل دول العالم وتركوهم لقمة سائغة وفريسة للعربدة والإجرام الصهيوني ليتفنن في تعذيبهم وترويعهم وإبادتهم بكل وسائل الإرهاب والقتل الوحشية التي يبتدعها كل يوم ويطبقها على تلك الأجساد النحيلة والمنهكة من نساء وأطفال ومدنيين في قطاع غزة المحاصر منذ ثلاثة أشهر.
لم يكن الشعب اليمني ليسكت على كل تلك الجرائم البشعة التي يرتكبها هذا الكيان الشاذ والتي أثارت كل ذوي الضمائر الحية، وصرخت من هولها الشعوب في مختلف أنحاء العالم، بعد أن وصلت حد بقر بطون الحوامل وإعدامهن مع أَجنتهن، واستهداف الأطفال الخدج والرضع، وارتكاب الإعدامات الجماعية والفردية للمدنيين العزل بدم بارد، والتجويع الشامل لسكان غزة، ومنع الغذاء والدواء والماء عنهم، وتعرية المواطنين في الشوارع وسحلهم ودهسهم بجنازير الدبابات إلى جانب نبش المقابر الجماعية بالجرافات واستخراج جثث مئات الشهداء وغيرها من الجرائم البشعة والشنيعة والمروعة التي يحاول من خلالها ترويع وإذلال وامتهان كرامة أبناء الشعب الفلسطيني الصامد والشجاع.
لهذا كان الشعب اليمني المؤمن والعظيم والشهم كما وصفه قائد الثورة، أول الشعوب تحركا وخروجا لإعلان المساندة لشعب فلسطين الـمظلوم، كما كان الأكثر حضورا في الساحات والمظاهرات، وتوج ذلك بالوقوف بشكل كامل مع الشعب الفلسطيني ومجاهديه الأبطال عسكريا وسياسيا وشعبيا ورسميا، وكذا بالمال والكلمة والسلاح، وصولا إلى الإجراء الـمهم والمؤثر جدا على اقتصاد وتجارة الأعداء الصهاينة بمنع السفن المرتبطة بهم من عبور باب المندب وخليج عدن والبحرين الأحمر والعربي.
انطلق الشعب اليمني في موقفه العظيم ذاك من منطلق الاستجابة العملية لتوجيهات الله سبحانه وتعالى، وبما يرضي الضمير الإنساني الحر، وينسجم مع المبادئ والقيم والأخلاق التي يؤمن بها وينتمي إليها هذا الشعب الأصيل، والتي تقتضي الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني المسلم والانتصار لمظلوميته بكل الطرق والوسائل المتاحة.
عبر اليمنيون بخروجهم المليوني في ميدان السبعين، وفي بقية المحافظات أيضاً عن الوفاء لدماء شهداء الوطن الأبطال من منتسبي القوات البحرية الذين وقفوا في مواجهة مباشرة مع العدو الأمريكي في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس، كما سماها قائد الثورة إسنادا لمعركة طوفان الأقصى.
كما أكدوا بذلك الخروج الكبير والملفت ثباتهم على الموقف والاستمرار فيه مهما كان حجم المواجهة ومهما كانت النتائج، كيف لا وهم شعب التضحيات والوفاء، وأحفاد الأنصار والفاتحين، وحملة راية الجهاد في سبيل الله، التي رفعها آباؤهم وأجدادهم منذ فجر الدعوة حتى أوصلوا الإسلام إلى كل أرجاء المعمورة.