صنعاء- سبأ: مرزاح العسل
على الرغم من توقيع كيان العدو الصهيوني على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المُهينة التي تحظر التعذيب وسوء المعاملة بشكلٍ مطلق منذ العام 1991.. إلا أن سلطات العدو ما زالت تمارس التعذيب بشكلٍ ممنهج وبوتيرة أعلى وأشد على المعتقلين الفلسطينيين لانتزاع اعترافات منهم، وهذا ما تجلّى خلال الفترة الأخيرة.
ومنذ بدء عملية العدو الصهيوني البرية في قطاع غزة في أكتوبر الماضي، اعتقل جيش العدو آلاف الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال، أفرج عن عدد ضئيل منهم لاحقا، فيما ظل مصير الآخرين مجهولاً، وسط مخاوف من ارتكاب انتهاكات جسيمة بحقهم.
وبحسب شهادات سابقة لأسرى مُفرج عنهم، فإن سلطات العدو الصهيوني ترتكب "انتهاكات جسيمة" بحق الأسرى الفلسطينيين، حيث لوحظ نقص حاد في أوزانهم وقدراتهم على التركيز، جراء معاناتهم في سجون الاحتلال.
وخلال مؤتمر صحفي عقده محامي هيئة شؤون الأسرى التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية خالد محاجنة، في رام الله اليوم الإثنين، نقل شهادات جديدة بشأن تعذيب أسرى من قطاع غزة في سجون العدو الصهيوني، شملت الاغتصاب والتجويع.
وقال محاجنة: إنه زار أمس الأحد معتقلين اثنين من قطاع غزة في سجن عوفر (وسط الضفة الغربية المحتلة)، وهما الصحفي محمد عرب، والأسير طارق عابد.. مضيفاً: "قبل نقل عرب بأسبوع من معسكر سدي تيمان (جنوب الكيان المُحتل) إلى سجن عوفر، اُستشهد أحد المعتقلين المرضى الذي توسل مرارا لعلاجه، إلا أنّه استشهد بعد الاعتداء عليه".
وتابع قائلاً: "تعرض الصحفي عرب للاستجواب داخل معسكر "سدي تيمان" حول زيارة المحامي له (الشهر الماضي)، والتفاصيل التي رواها، وتم تهديده بمعاقبته على نقله للمحامي التفاصيل".
وأفاد المحامي محاجنة بأن الأسير عرب روى تفاصيل تعرض معتقلين من غزة للاغتصاب، كان من بينهم أحد المعتقلين الذي تم تجريده من ملابسه بشكل كامل، وتم إدخال خرطوم جهاز إطفاء الحرائق بمؤخرته.. لافتاً إلى أن المعتقل حاليا بحالة صحية ونفسية صعبة جدا.
وأوضح أن "معتقل آخر تم تعريته بشكل كامل، وضرب مؤخرته وأعضائه التناسلية بصعقات كهربائية، إلى جانب أساليب أخرى استخدمت للاعتداء على الأسرى جنسيا، من الصعب شرحها".
كما روى الأسير عرب تفاصيل أخرى حول أساليب التعذيب، بحسب المحامي محاجنة، حيث "يتم وضع المعتقلين على الأرض وأيديهم مكبلة وراء رؤوسهم، وتقوم الكلاب بنهش أجسادهم، إلى جانب عمليات الشبح الذي يرافقه الاعتداء عليهم بالضرب من خلال الكلاب البوليسية".
وأشار المحامي إلى أن الصحفي عرب لم يكن مدركا أنه موجود في سجن عوفر إلا بعد أن بلغه بذلك.. مُبيناً أنه "تم نقل عرب إلى سجن عوفر رفقة نحو 100 أسير، وهم معصوبو الأعين، وكان المعتقلون يظنون أنهم نقلوا لمعسكر قريب من غزة."
ولفت إلى أن أكثر من "100 معتقل مرضى ومصابين وجرحى، يصرخون من شدة الألم، وقد تُركوا بلا علاج".
أما عن أماكن الاحتجاز، فقد نقل المحامي محاجنة عن الصحفي المعتقل، قوله: "الزنازين في سجن عوفر عبارة عن غرف صغيرة الحجم وبدون تهوية، فيها أسرة حديد بلا فرشات ولا وسائد ولا أغطية، يحتجز في الغرفة نحو 25 معتقل، قسم ينام على الحديد وقسم على الأرض".. مشيراً إلى أن "لكل معتقل 100 غرام من الخبز، وحبة خيار أو بندورة، وكيس لبن، على مدار اليوم".
وتابع المحامي في نقله الشهادة، بالقول: "داخل الغرف الحمام مكشوف أمام الجميع، مع وجود كاميرات، وفي سجن عوفر يوجد عنبرين (عنبر جهنم)، و(عنبر جحيم) وكلاهما للتعذيب، داخل الغرف لا يمكنهم رؤية الأسرى الذين يتم تعذيبهم داخل هاذين القسمين، ولكن يسمعون صراخ الأسرى وقت التعذيب.
ومطلع يونيو الماضي، بدأت المحكمة العليا في كيان العدو الصهيوني النظر في التماس من خمس جمعيات حقوقية صهيونية يطالب بإغلاق فوري لمعتقل "سدي تيمان" العسكري، إثر تقارير عن تعذيب وقتل معتقلين فلسطينيين من قطاع غزة داخله.
وتقدر سلطة سجون العدو الصهيوني وجود أكثر من تسعة آلاف معتقل فلسطيني، بينما لا يوجد حصيلة معلنة عن عدد المعتقلين من غزة.
ويُذكر أن سلطات العدو الصهيوني بدأت بممارسة التعذيب بحق المعتقلين الفلسطينيين منذ احتلالها لفلسطين، واستخدمت أساليب عدة في تعذيب المعتقلين نفسياً وجسدياً، كالهزّ العنيف، والشبح على الكرسي الصغير، ووضع الكيس على الرأس، والموسيقى الصاخبة، والخزانة، وقلع الأظافر، وغيرها من الأساليب الفظيعة التي مارسها محققي العدو لانتزاع اعترافات من المعتقلين الفلسطينيين ليسقط (73) شهيداً على الأقل في زنازين التحقيق منذ العام 1967 نتيجة للتعذيب الذي تعرضوا له خلال فترة التحقيق.
ويتوزع المعتقلون الفلسطينيون الذين يتم اعتقالهم من الضفة الغربية وغزة على أربعة مراكز تحقيق في شمال الضفة الغربية المحتلة ووسطها وجنوبها، اعتمادا على مكان سكنهم أو مكان النشاط الذي اعتقلوا فيه، وتعُتبر مرحلة التحقيق التي يمكن أن تمدد حتى 180 يوما متواصلاً، من أكثر المراحل دقة لأنه وبناءً على ما يجري فيها، يتحدد الوضع القانوني للمعتقل.
وتلجأ شرطة العدو وحرس الحدود الصهيوني إلى استخدام القوة والضرب ضد المعتقلين منذ اللحظات الأولى لوصولهم لمركز التحقيق وقبل الشروع في عملية التحقيق، ويكون الضرب مصحوباً بالشتائم والإهانات بهدف خلق جو من الرعب من البداية تمهيداً للتحقيق معهم.
كما يركّز المُحققين الصهاينة في الاستجواب على جانب الإضعاف والضغط النفسي على المعتقلين في فترة التحقيق، وذلك بمنع زيارة المحامي الذي قد يطول حتى 60 يوماً، وإنكار حق المعتقلين في الاتصال بأهلهم وإبلاغهم عن الاعتقال أو النقل من مركز تحقيق لآخر، وإدخالهم إلى غرف العصافير وتعريضهم للتضليل، والتهديد بالقتل، وحرمانهم من النوم.
وتستخدم المخابرات الصهيونية الإصابات والحالة الصحية كوسيلة ضغط على المعتقل خلال التحقيق، ويتم الضغط عليه ومساومته بالاعتراف مقابل تقديم العلاج له أو قضاء حاجته، وقد يعُرض التعاون مع المخابرات مقابل مبالغ مالية أو تسهيلات تقدم للشخص مقابل الإدلاء بمعلومات تفيد المخابرات، ويتم تهديد المعتقل أثناء التحقيق كجزء من الضغط النفسي باعتقال أحد أفراد عائلته أو زوجته أو أحد أبنائه، أو بتفجير بيته أو أملاكه أو حرمانه من أطفاله وأهله.
وتحاول المخابرات الصهيونية إبقاء المعتقلين لأطول مدة ممكنة في مراكز التحقيق حتى بعد انتهاء التحقيق معهم كعقاب وتعذيب إضافي.
وتستمر سلطات العدو الصهيوني في انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني، وتتعاطى باستهتار مع مبادئ القانون الدولي والإنساني والاتفاقيات الدولية حتى تلك التي وقعت عليها، ويحرم المعتقل الفلسطيني من حقوقه المشروعة خلال فترة التحقيق.
وخلال الفترة الأخيرة، رصدت مؤسسة الضمير الحقوقية صدور العديد من أوامر منع لقاء المحامي بحق المعتقلين في مركز تحقيق المسكوبية، وطالت هذه الأوامر غالبية المعتقلين، حيث أصدرت سلطات العدو الصهيوني ما يقارب الـ200 أمر خلال ثلاثة أشهر، وكانت هذه الأوامر تُجدد بشكلٍ دوري لفترات مختلفة تراوحت من 30 إلى حوالي 45 يوماً.
وقدمت مؤسسة الضمير 22 التماسا للمحكمة العليا الصهيونية للطعن بأوامر منع لقاء المعتقل بمحاميه وذلك لغالبية المعتقلين الممنوعين الذين تعرضوا للتحقيق في مركز تحقيق المسكوبية، إلا أن 18 التماساً رفُضت، والأربعة المتبقيين سُحب الالتماس على أساس السماح للمحامي بزيارة المعتقل.
وعقب السابع من أكتوبر شهدت سجون العدو الصهيوني تراجعاً حاداً في شروط احتجاز الأسرى، بالاستناد إلى منظومة من القوانين والتعليمات الهادفة إلى التضييق عليهم، ما أدى إلى استشهاد 11 أسيراً، كنتيجة للتعذيب الممنهج أو الإهمال الطبي.
وبحسب نادي الأسير الفلسطيني، فإن إجمالي عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو الصهيوني بلغ 9700 بداية يوليو الجاري، من بينهم 3380 معتقلا إداريا (بلا تهمة أو محاكمة).. مؤكداً أن "من بين المعتقلين أكثر من 1400 من غزة، ممن صنفتهم سلطة سجون الاحتلال بالمقاتلين غير الشرعيين"، ومبينا أن العدد لا يشمل كافة معتقلي غزة، وهم بالآلاف، ومن بينهم نساء وأطفال".
وتزايدت خلال الفترة الأخيرة استخدام العدو الصهيوني ظاهرةَ العصافير؛ التي أصبحت تثير الخوف بين الأسرى، عن طريق وضع الجواسيس داخل السجون الذين يدّعون أنهم ينتمون للمقاومة، وينقلون الأسرار للمحققين، وأدى ذلك إلى عدم الثقة بين الأسرى، وزيادة عذابهم النفسي.
ومن الواضح أن هذه الظاهرة صدّرها العدو الصهيوني للسلطات الدكتاتورية في العالم العربي، والتي لم تقتصر فقط على السجون، بل انتشرت خارجها، مما أدى إلى الكشف عن أسرار الحركات الإسلامية، وتلفيق القضايا، خاصة بعد أن اعتمدت المحاكم على المذكرات السرية، وعدم الكشف عن مصادر المعلومات، واستخدام هذه المعلومات لإصدار أحكام عالية على المتهمين.
ودفعت ظاهرة العصافير هذه، الأسرى إلى التزام الصمت الطويل، في الوقت الذي يحتاج فيه الإنسان إلى الصداقة والودّ والحديث مع الآخرين، فأصبحت هذه الظاهرة وسيلة لتعذيب الأسرى، خاصة في الفترة التي تسبق المحاكمات.
ويشن جيش العدو الصهيوني منذ السابع من أكتوبر الماضي، حربا مدمرة على غزة بدعم أمريكي، خلفت أكثر من 127 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن عشرة آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.. فيما يواصل العدو الصهيوني حربه متجاهلاً قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.
على الرغم من توقيع كيان العدو الصهيوني على اتفاقية مناهضة التعذيب وغيرها من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المُهينة التي تحظر التعذيب وسوء المعاملة بشكلٍ مطلق منذ العام 1991.. إلا أن سلطات العدو ما زالت تمارس التعذيب بشكلٍ ممنهج وبوتيرة أعلى وأشد على المعتقلين الفلسطينيين لانتزاع اعترافات منهم، وهذا ما تجلّى خلال الفترة الأخيرة.
ومنذ بدء عملية العدو الصهيوني البرية في قطاع غزة في أكتوبر الماضي، اعتقل جيش العدو آلاف الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال، أفرج عن عدد ضئيل منهم لاحقا، فيما ظل مصير الآخرين مجهولاً، وسط مخاوف من ارتكاب انتهاكات جسيمة بحقهم.
وبحسب شهادات سابقة لأسرى مُفرج عنهم، فإن سلطات العدو الصهيوني ترتكب "انتهاكات جسيمة" بحق الأسرى الفلسطينيين، حيث لوحظ نقص حاد في أوزانهم وقدراتهم على التركيز، جراء معاناتهم في سجون الاحتلال.
وخلال مؤتمر صحفي عقده محامي هيئة شؤون الأسرى التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية خالد محاجنة، في رام الله اليوم الإثنين، نقل شهادات جديدة بشأن تعذيب أسرى من قطاع غزة في سجون العدو الصهيوني، شملت الاغتصاب والتجويع.
وقال محاجنة: إنه زار أمس الأحد معتقلين اثنين من قطاع غزة في سجن عوفر (وسط الضفة الغربية المحتلة)، وهما الصحفي محمد عرب، والأسير طارق عابد.. مضيفاً: "قبل نقل عرب بأسبوع من معسكر سدي تيمان (جنوب الكيان المُحتل) إلى سجن عوفر، اُستشهد أحد المعتقلين المرضى الذي توسل مرارا لعلاجه، إلا أنّه استشهد بعد الاعتداء عليه".
وتابع قائلاً: "تعرض الصحفي عرب للاستجواب داخل معسكر "سدي تيمان" حول زيارة المحامي له (الشهر الماضي)، والتفاصيل التي رواها، وتم تهديده بمعاقبته على نقله للمحامي التفاصيل".
وأفاد المحامي محاجنة بأن الأسير عرب روى تفاصيل تعرض معتقلين من غزة للاغتصاب، كان من بينهم أحد المعتقلين الذي تم تجريده من ملابسه بشكل كامل، وتم إدخال خرطوم جهاز إطفاء الحرائق بمؤخرته.. لافتاً إلى أن المعتقل حاليا بحالة صحية ونفسية صعبة جدا.
وأوضح أن "معتقل آخر تم تعريته بشكل كامل، وضرب مؤخرته وأعضائه التناسلية بصعقات كهربائية، إلى جانب أساليب أخرى استخدمت للاعتداء على الأسرى جنسيا، من الصعب شرحها".
كما روى الأسير عرب تفاصيل أخرى حول أساليب التعذيب، بحسب المحامي محاجنة، حيث "يتم وضع المعتقلين على الأرض وأيديهم مكبلة وراء رؤوسهم، وتقوم الكلاب بنهش أجسادهم، إلى جانب عمليات الشبح الذي يرافقه الاعتداء عليهم بالضرب من خلال الكلاب البوليسية".
وأشار المحامي إلى أن الصحفي عرب لم يكن مدركا أنه موجود في سجن عوفر إلا بعد أن بلغه بذلك.. مُبيناً أنه "تم نقل عرب إلى سجن عوفر رفقة نحو 100 أسير، وهم معصوبو الأعين، وكان المعتقلون يظنون أنهم نقلوا لمعسكر قريب من غزة."
ولفت إلى أن أكثر من "100 معتقل مرضى ومصابين وجرحى، يصرخون من شدة الألم، وقد تُركوا بلا علاج".
أما عن أماكن الاحتجاز، فقد نقل المحامي محاجنة عن الصحفي المعتقل، قوله: "الزنازين في سجن عوفر عبارة عن غرف صغيرة الحجم وبدون تهوية، فيها أسرة حديد بلا فرشات ولا وسائد ولا أغطية، يحتجز في الغرفة نحو 25 معتقل، قسم ينام على الحديد وقسم على الأرض".. مشيراً إلى أن "لكل معتقل 100 غرام من الخبز، وحبة خيار أو بندورة، وكيس لبن، على مدار اليوم".
وتابع المحامي في نقله الشهادة، بالقول: "داخل الغرف الحمام مكشوف أمام الجميع، مع وجود كاميرات، وفي سجن عوفر يوجد عنبرين (عنبر جهنم)، و(عنبر جحيم) وكلاهما للتعذيب، داخل الغرف لا يمكنهم رؤية الأسرى الذين يتم تعذيبهم داخل هاذين القسمين، ولكن يسمعون صراخ الأسرى وقت التعذيب.
ومطلع يونيو الماضي، بدأت المحكمة العليا في كيان العدو الصهيوني النظر في التماس من خمس جمعيات حقوقية صهيونية يطالب بإغلاق فوري لمعتقل "سدي تيمان" العسكري، إثر تقارير عن تعذيب وقتل معتقلين فلسطينيين من قطاع غزة داخله.
وتقدر سلطة سجون العدو الصهيوني وجود أكثر من تسعة آلاف معتقل فلسطيني، بينما لا يوجد حصيلة معلنة عن عدد المعتقلين من غزة.
ويُذكر أن سلطات العدو الصهيوني بدأت بممارسة التعذيب بحق المعتقلين الفلسطينيين منذ احتلالها لفلسطين، واستخدمت أساليب عدة في تعذيب المعتقلين نفسياً وجسدياً، كالهزّ العنيف، والشبح على الكرسي الصغير، ووضع الكيس على الرأس، والموسيقى الصاخبة، والخزانة، وقلع الأظافر، وغيرها من الأساليب الفظيعة التي مارسها محققي العدو لانتزاع اعترافات من المعتقلين الفلسطينيين ليسقط (73) شهيداً على الأقل في زنازين التحقيق منذ العام 1967 نتيجة للتعذيب الذي تعرضوا له خلال فترة التحقيق.
ويتوزع المعتقلون الفلسطينيون الذين يتم اعتقالهم من الضفة الغربية وغزة على أربعة مراكز تحقيق في شمال الضفة الغربية المحتلة ووسطها وجنوبها، اعتمادا على مكان سكنهم أو مكان النشاط الذي اعتقلوا فيه، وتعُتبر مرحلة التحقيق التي يمكن أن تمدد حتى 180 يوما متواصلاً، من أكثر المراحل دقة لأنه وبناءً على ما يجري فيها، يتحدد الوضع القانوني للمعتقل.
وتلجأ شرطة العدو وحرس الحدود الصهيوني إلى استخدام القوة والضرب ضد المعتقلين منذ اللحظات الأولى لوصولهم لمركز التحقيق وقبل الشروع في عملية التحقيق، ويكون الضرب مصحوباً بالشتائم والإهانات بهدف خلق جو من الرعب من البداية تمهيداً للتحقيق معهم.
كما يركّز المُحققين الصهاينة في الاستجواب على جانب الإضعاف والضغط النفسي على المعتقلين في فترة التحقيق، وذلك بمنع زيارة المحامي الذي قد يطول حتى 60 يوماً، وإنكار حق المعتقلين في الاتصال بأهلهم وإبلاغهم عن الاعتقال أو النقل من مركز تحقيق لآخر، وإدخالهم إلى غرف العصافير وتعريضهم للتضليل، والتهديد بالقتل، وحرمانهم من النوم.
وتستخدم المخابرات الصهيونية الإصابات والحالة الصحية كوسيلة ضغط على المعتقل خلال التحقيق، ويتم الضغط عليه ومساومته بالاعتراف مقابل تقديم العلاج له أو قضاء حاجته، وقد يعُرض التعاون مع المخابرات مقابل مبالغ مالية أو تسهيلات تقدم للشخص مقابل الإدلاء بمعلومات تفيد المخابرات، ويتم تهديد المعتقل أثناء التحقيق كجزء من الضغط النفسي باعتقال أحد أفراد عائلته أو زوجته أو أحد أبنائه، أو بتفجير بيته أو أملاكه أو حرمانه من أطفاله وأهله.
وتحاول المخابرات الصهيونية إبقاء المعتقلين لأطول مدة ممكنة في مراكز التحقيق حتى بعد انتهاء التحقيق معهم كعقاب وتعذيب إضافي.
وتستمر سلطات العدو الصهيوني في انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني، وتتعاطى باستهتار مع مبادئ القانون الدولي والإنساني والاتفاقيات الدولية حتى تلك التي وقعت عليها، ويحرم المعتقل الفلسطيني من حقوقه المشروعة خلال فترة التحقيق.
وخلال الفترة الأخيرة، رصدت مؤسسة الضمير الحقوقية صدور العديد من أوامر منع لقاء المحامي بحق المعتقلين في مركز تحقيق المسكوبية، وطالت هذه الأوامر غالبية المعتقلين، حيث أصدرت سلطات العدو الصهيوني ما يقارب الـ200 أمر خلال ثلاثة أشهر، وكانت هذه الأوامر تُجدد بشكلٍ دوري لفترات مختلفة تراوحت من 30 إلى حوالي 45 يوماً.
وقدمت مؤسسة الضمير 22 التماسا للمحكمة العليا الصهيونية للطعن بأوامر منع لقاء المعتقل بمحاميه وذلك لغالبية المعتقلين الممنوعين الذين تعرضوا للتحقيق في مركز تحقيق المسكوبية، إلا أن 18 التماساً رفُضت، والأربعة المتبقيين سُحب الالتماس على أساس السماح للمحامي بزيارة المعتقل.
وعقب السابع من أكتوبر شهدت سجون العدو الصهيوني تراجعاً حاداً في شروط احتجاز الأسرى، بالاستناد إلى منظومة من القوانين والتعليمات الهادفة إلى التضييق عليهم، ما أدى إلى استشهاد 11 أسيراً، كنتيجة للتعذيب الممنهج أو الإهمال الطبي.
وبحسب نادي الأسير الفلسطيني، فإن إجمالي عدد الأسرى الفلسطينيين في سجون العدو الصهيوني بلغ 9700 بداية يوليو الجاري، من بينهم 3380 معتقلا إداريا (بلا تهمة أو محاكمة).. مؤكداً أن "من بين المعتقلين أكثر من 1400 من غزة، ممن صنفتهم سلطة سجون الاحتلال بالمقاتلين غير الشرعيين"، ومبينا أن العدد لا يشمل كافة معتقلي غزة، وهم بالآلاف، ومن بينهم نساء وأطفال".
وتزايدت خلال الفترة الأخيرة استخدام العدو الصهيوني ظاهرةَ العصافير؛ التي أصبحت تثير الخوف بين الأسرى، عن طريق وضع الجواسيس داخل السجون الذين يدّعون أنهم ينتمون للمقاومة، وينقلون الأسرار للمحققين، وأدى ذلك إلى عدم الثقة بين الأسرى، وزيادة عذابهم النفسي.
ومن الواضح أن هذه الظاهرة صدّرها العدو الصهيوني للسلطات الدكتاتورية في العالم العربي، والتي لم تقتصر فقط على السجون، بل انتشرت خارجها، مما أدى إلى الكشف عن أسرار الحركات الإسلامية، وتلفيق القضايا، خاصة بعد أن اعتمدت المحاكم على المذكرات السرية، وعدم الكشف عن مصادر المعلومات، واستخدام هذه المعلومات لإصدار أحكام عالية على المتهمين.
ودفعت ظاهرة العصافير هذه، الأسرى إلى التزام الصمت الطويل، في الوقت الذي يحتاج فيه الإنسان إلى الصداقة والودّ والحديث مع الآخرين، فأصبحت هذه الظاهرة وسيلة لتعذيب الأسرى، خاصة في الفترة التي تسبق المحاكمات.
ويشن جيش العدو الصهيوني منذ السابع من أكتوبر الماضي، حربا مدمرة على غزة بدعم أمريكي، خلفت أكثر من 127 ألف شهيد وجريح فلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد عن عشرة آلاف مفقود وسط دمار هائل ومجاعة أودت بحياة عشرات الأطفال.. فيما يواصل العدو الصهيوني حربه متجاهلاً قراري مجلس الأمن الدولي بوقفها فوراً، وأوامر محكمة العدل الدولية بإنهاء اجتياح رفح، واتخاذ تدابير لمنع وقوع أعمال إبادة جماعية، وتحسين الوضع الإنساني المزري بغزة.