صنعاء- سبأ: مرزاح العسل
بعد مرور نحو 320 يوماً من العدوان الصهيو-أمريكي على قطاع غزة.. لا يزال الاقتصاد الصهيوني يُعاني من التأثيرات الشديدة للحرب، من عجزٍ وتضخم وانكماش وركود ومغادرة رؤوس الأموال وخفض ائتمان، والتي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر.
ومع استمرار عملياته العسكرية واستنزاف موارده بشتى أنواعها، يقف العدو الصهيوني عند مفترق طرق اقتصادي حرج، تتجلى آثاره بوضوح في الانخفاض الحاد في النمو، وارتفاع معدلات التضخم، وتفاقم العجز المالي، وخفض التصنيف الائتماني.. الخ.
وتشير التوقعات إلى أن العجز المالي في موازنة 2024 سيتجاوز التقديرات السابقة بكثير بسبب الإنفاق الدفاعي.. وفي هذا السياق، تتزايد المخاوف من استمرار الحرب، وسط التوترات الجيوسياسية والضغوط على الحكومة الصهيونية للتعامل مع التداعيات المالية والعسكرية طويلة الأمد.
وأكّدت وسائل إعلام العدو الصهيوني، اليوم الثلاثاء، أنّ الاقتصاد الصهيوني انكمش بنسبة 0.4 في المائة في الفترة من أبريل إلى يونيو الماضي، على أساس نصيب الفرد وفقاً لنمو السكان، وكذلك انخفض إنتاج الأعمال والصادرات، وفقاً لبيانات دائرة الإحصاء المركزية.
وأظهرت بيانات أولية صادرة عن دائرة الإحصاء المركزية، يوم الأحد الماضي، أنّ الاقتصاد الصهيوني نما بوتيرةٍ أبطأ من توقعات الخبراء للربع الثاني من العام الجاري، مع استمرار الحرب الدائرة منذ أكثر من عشرة أشهر مع المقاومة الفلسطينية في إحداث خسائر فادحة في الصادرات والاستثمارات.
ويقول كبير خبراء الاقتصاد الصهيوني في بنك "مزراحي للتنمية"، رونين مناحيم: إنّ "نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي انكمش مقارنة بالربع السابق ومقارنة بالربع المقابل من العام الماضي، وهو رقم يشير بوضوح إلى الضرر الكبير الذي تسببه الحرب الجارية للاقتصاد".
فيما يؤكد كبير الاقتصاديين الصهاينة في "ليدر كابيتال ماركتس"، يوناتان كاتس، أنّ "نمو الناتج المحلي الإجمالي مخيب للآمال في الربع الثاني بسبب انكماش الصادرات (السلع والخدمات) وضعف الاستثمارات".
ويقول كاتس، الذي توقع نمو الاقتصاد بنسبة 2.3 في المائة: إنّ أرقام النمو الأبطأ من المتوقع "ترجع في الغالب إلى قضايا العرض: لا تزال استثمارات البناء منخفضة بنسبة 26 في المائية على أساس سنوي بسبب نقص العمال الفلسطينيين".. مضيفاً: إنّ "إغلاق الأعمال في الشمال والجنوب (الزراعية والتجارية) يؤثر أيضاً في النمو".
وتأتي بيانات النمو الضعيفة في أعقاب خفض التصنيف الائتماني للكيان الصهيوني من A+ إلى A الأسبوع الماضي من قبل وكالة "فيتش"، التي قالت: إنّها تتوقع أن تستمر الحرب حتى عام 2025.. مُحذّرة من أنّ التصعيد إلى جبهاتٍ مُتعددة قد يؤدي إلى "إنفاق عسكري إضافي كبير وتدمير البنية التحتية وأضرار أكثر استدامة للنشاط الاقتصادي والاستثمار".
وكانت فيتش ثالث وكالة ائتمان عالمية تخفض التصنيف الائتماني للكيان الصهيوني هذا العام، بعد "ستاندرد آند بورز" و"موديز",
وفي يوليو المنصرم، خفض بنك "إسرائيل" المركزي توقعاته لنمو الاقتصاد.. مشيراً إلى زيادة خطر التصعيد مع حزب الله اللبناني على الحدود الشمالية.. حيث توقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 1.5 في المائة في عام 2024، و4.2 في المائة في عام 2025.. وهذا أقل من توقعات النمو السابقة في أبريل التي بلغت اثنين في المائة في عام 2024 وخمسة في المائة في عام 2025.
ورجح مناحيم أن يتعثر نشاط الاقتصاد بالنظر إلى النصف الثاني، ومع ذلك، يعتمد الكثير على التطورات الأمنية في المنطقة وعلى مسألة درجة شدة تأثير الحرب على الاقتصاد".. قائلاً: إنّ "الاقتصاد يعمل بكامل طاقته، وعدد الوظائف الشاغرة آخذ في الازدياد، وكذلك صعوبة شغل الوظائف بالعمال المحترفين، وهو ما سيستمر في تقييد النشاط ونمو الناتج المحلي الإجمالي".
واعتمادًا على بياناتٍ صهيونية رسميّةٍ فقد كشفت صحيفة (يديعوت أحرنوت) الصهيونية عن ارتفاع عدد المستوطنين الذين يغادرون الكيان إلى الخارج وذلك في ضوء زيادة التهديدات واستمرار الحرب على غزة وانخفاض مستوى المعيشة وتفاقم حدة الانقسام الداخليّ.
وبحسب معلوماتٍ لم تؤكّدها سلطات العدو في "تل أبيب" فإنّ عدد الهاربين من الكيان وصل إلى مليون شخص منذ بدء العدوان على غزّة في أكتوبر الماضي.
وفيما تشير التقارير الإحصائية إلى تفاقم الهجرة العكسية من "إسرائيل" بعد اندلاع الحرب على غزة، لوحظ الإعلان عن تأسيس حركات وجمعيات شعارها (لنغادر معًا)، والتي استقطبت عشرات آلاف المستوطنين الصهاينة.
وبحسب الإعلام الصهيوني، فإنّ نصف مليون شخص غادروا الكيان المُحتل في الأشهر الستة الأولى من الحرب، في وقتٍ أصبحت فيه الهجرة نحوها أقل بكثير مما كانت عليه قبل الحرب، وتبلغ نحو 2,500 مهاجر شهريًا.
وفي فبراير، غادر نحو 20,000 شخص الكيان، وفي مارس غادر نحو 7,000، وبإضافة الوافدين والخارجين في أبريل إلى العدد العام، فإنّ الفجوة لصالح عدد الخارجين وصلت إلى نحو 550,000 ألف شخص، وفق الإعلام الصهيوني، الذي اعتمد بطبيعة الحال على بياناتٍ رسميّةٍ من الحكومة الصهيونية.
في السياق ذاته، وبحسب دراسة صادرة عن مركز تراث (بيغن)، فإنّ 59 في المائة من الصهاينة في الكيان المُحتل توجهوا أوْ يفكرون بالتوجه إلى سفاراتٍ أجنبيّةٍ للاستفسار وتقديم طلبات للحصول على جنسياتٍ أجنبيّةٍ، بينما أبدت 78 في المائة من العائلات اليهودية دعم أبنائها الشباب للسفر إلى الخارج.
وفي دراسة أعدّتها ونشرتْها وزارة الاستيعاب الصهيونية، تَبيَّن أنّ ثلث اليهود في الكيان الغاصب باتوا يؤيّدون فكرة الهجرة، وخصوصًا بعد معركة (سيف القدس)، في مايو 2021، وهو تاريخ كان المتوقّع في الإحصاءات الفلسطينية، كما الصهيونية، أنْ يكون عدد اليهود في فلسطين التاريخية قد وصل، قبل سنة منه، إلى 6.9 ملايين نسمة، في مقابل 7.2 ملايين عربي.
ووفقًا لأرقام وزارة الاستيعاب، غادر "إسرائيل" واستقرّ في الخارج، منذ مطلع 2021، ما مجموعه 720 ألف مستوطن يهودي، في حين سَجّل العام نفسه تفوّقاً في ميزان الهجرة المعاكسة لمهاجرين يهود هم في الأساس قادمون من الخارج.
وفي الوقت الذي توقع فيه محللو بورصة "تل أبيب" نمو اقتصاد "إسرائيل" 5.9 في المائة خلال الربع الثاني من العام 2024، وهي ذات النسبة التي توقعتها وكالة بلومبرغ وجاءت الأرقام أقل من التوقعات لتسجل 1.2 في المائة.
وتعكس الأرقام فشلا لقطاعات الاقتصاد الصهيوني في التكيف مع تبعات حرب غزة لا سيما الإنشاءات والزراعة والخدمات والسياحة، وفق الأرقام التي كشف عنها مكتب الإحصاء الصهيوني هذا الأسبوع، وسط توقعات بمزيد من القتامة لما تبقى من العام الجاري 2024.
ولم تشهد استثمارات الأصول الثابتة أي نمو خلال الربع الثاني، بينما انكمشت الواردات، باستثناء الدفاع والسفن والطائرات والألماس، بنسبة 7.3 في المائة على أساس سنوي.
ووفقاً لتقرير وكالة بلومبرغ الأمريكية، يرجع جزء كبير من التباطؤ في الاستثمارات الثابتة إلى ركود قطاع البناء الذي يعتمد على العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة، والذين مُنعوا من دخول الكيان الصهيوني منذ بداية الحرب.
واستمر العجز المالي للميزانية الصهيونية في التصاعد في يوليو الماضي، مسجلا 8.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى الأشهر الـ12 الماضية.
وكان العجز المالي في الشهور المنتهية، خلال يونيو الماضي، نحو 7.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما كانت وزارة المالية تتوقع أن يبلغ العجز 6.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أو قرابة 34 مليار دولار.
وتؤشر هذه الأرقام إلى أن عجز الميزانية في اتساع مستمر، مما يصعّب من قدرة "إسرائيل" على تحمل كلفة الديون الناتجة لتغطية العجز، خاصة مع ارتفاع الفائدة، على الدولار والشيكل معا.
ويتجاوز الدين العام الصهيوني أكثر من 67 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع نحو 63 في المائة قبل الحرب على قطاع غزة في أكتوبر الماضي.. وفي المجمل، قدّرت خبيرة اقتصادية صهيونية أن الحرب على غزة كلفت الاقتصاد بالفعل أكثر من 67.3 مليار دولار.
وبينما سعى بنك إسرائيل (المركزي) إلى خفض التضخم قرب المستهدف البالغ قرابة ثلاثة في المائة، عبر رفع الفائدة منذ بداية النصف الثاني 2022، فإن بيانات يوليو الماضي تؤشر لعودة الارتفاع.
وارتفع معدل التضخم السنوي في يوليو إلى 3.2 في المائة من 2.9 في المائة في الشهر السابق، مسجلاً أعلى قراءة منذ نوفمبر 2023.. وكان هذا الارتفاع مدفوعاً بزيادة ضغوط الأسعار على الغذاء والإسكان والتعليم والثقافة والترفيه.
في الوقت ذاته، ارتفع التضخم الأساسي إلى 2.9 في المائة في يوليو من 2.7 في المائة في يونيو، مما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي في ظل التحديات المستمرة.
كما شهد الكيان الصهيوني ارتفاعاً ملحوظاً في معدلي الفقر والبطالة.. فقد ارتفع معدل الفقر بنسبة 2.6 نقطة مئوية، ليصل إلى 25.3 في المائة في منتصف عام 2024، في حين ارتفع معدل البطالة بنسبة 1.7 نقطة مئوية، ليصل إلى 6.2 في المائة في يوليو 2024، مما يعني فقدان مئات الآلاف من فرص العمل.
وتتوقع وكالة "فيتش" أن تزيد الحكومة الصهيونية الإنفاق العسكري بشكل دائم بنحو 1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بمستويات ما قبل الحرب، مما يزيد من الضغوط على الموازنة ومستويات الديون.
وفيما يتصل بالعواقب الاقتصادية الطويلة الأجل للحرب في الشمال مع لبنان، فإن أي زيادة في علاوة المخاطر سوف تؤدي إلى زيادة كبيرة في مدفوعات الفائدة على الدين العام الصهيوني، الذي من المرجح أن يظل في مستوى يتراوح بين 1.3 في المائة و1.5 في المائة، مقارنة بمستوى ما قبل الحرب وهو 0.8 في المائة.
وبحسب معهد دراسات الأمن القومي الصهيوني، فإن انخفاض معدلات النمو في ثلاثة سيناريوهات (استمرار الوضع الحالي، والتصعيد في الشمال، والتوصل إلى اتفاق على أساس الصفقة المقترحة لإطلاق سراح الرهائن، ووقف القتال في غزة وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع) إلى جانب زيادة في الإنفاق الأمني، من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم خطر الركود الاقتصادي، مما قد يتسبب في مشاكل اقتصادية تذكر بفترة "العقد الضائع" التي أعقبت حرب أكتوبر 1973م (عندما استنفدت الموازنة وانخفض معدل النمو في الاقتصاد إلى النصف أو أكثر).
ورغم محاولات قطاعات الاقتصاد التعايش مع تبعات حرب غزة على مفاصل الاقتصاد الصهيوني، فشلت غالبيتها في ذلك، بصدارة قطاعات الإنشاءات والزراعة والخدمات والسياحة.. وتكشف الأرقام الأخيرة الصادرة هذا الأسبوع عن مكتب الإحصاء الصهيوني حجم الضرر الكبير الذي تسببه الحرب الجارية على الاقتصاد، وسط توقعات بمزيد من القتامة لما تبقّى من العام الجاري 2024.
الجدير ذكره أن الاقتصاد الصهيوني يواصل الاستنزاف لما يقرب من 11 شهراً مع استمرار العدوان على قطاع غزة، رغم كل الدعم الأمريكي والأوروبي اللامحدود فمؤشرات النمو وعجز الموازنة وحتى التضخم لم تعط أية إشارات إلى تماسك الأداء الاقتصادي في خضم أزمة طالت كافة القطاعات.. ويبدو بحسب مراقبين صهاينة أن حرب الاستنزاف هذه ستؤدي إلى انهيار "إسرائيل" وليس حماس.
بعد مرور نحو 320 يوماً من العدوان الصهيو-أمريكي على قطاع غزة.. لا يزال الاقتصاد الصهيوني يُعاني من التأثيرات الشديدة للحرب، من عجزٍ وتضخم وانكماش وركود ومغادرة رؤوس الأموال وخفض ائتمان، والتي تزداد سوءاً يوماً بعد يوم وشهراً بعد شهر.
ومع استمرار عملياته العسكرية واستنزاف موارده بشتى أنواعها، يقف العدو الصهيوني عند مفترق طرق اقتصادي حرج، تتجلى آثاره بوضوح في الانخفاض الحاد في النمو، وارتفاع معدلات التضخم، وتفاقم العجز المالي، وخفض التصنيف الائتماني.. الخ.
وتشير التوقعات إلى أن العجز المالي في موازنة 2024 سيتجاوز التقديرات السابقة بكثير بسبب الإنفاق الدفاعي.. وفي هذا السياق، تتزايد المخاوف من استمرار الحرب، وسط التوترات الجيوسياسية والضغوط على الحكومة الصهيونية للتعامل مع التداعيات المالية والعسكرية طويلة الأمد.
وأكّدت وسائل إعلام العدو الصهيوني، اليوم الثلاثاء، أنّ الاقتصاد الصهيوني انكمش بنسبة 0.4 في المائة في الفترة من أبريل إلى يونيو الماضي، على أساس نصيب الفرد وفقاً لنمو السكان، وكذلك انخفض إنتاج الأعمال والصادرات، وفقاً لبيانات دائرة الإحصاء المركزية.
وأظهرت بيانات أولية صادرة عن دائرة الإحصاء المركزية، يوم الأحد الماضي، أنّ الاقتصاد الصهيوني نما بوتيرةٍ أبطأ من توقعات الخبراء للربع الثاني من العام الجاري، مع استمرار الحرب الدائرة منذ أكثر من عشرة أشهر مع المقاومة الفلسطينية في إحداث خسائر فادحة في الصادرات والاستثمارات.
ويقول كبير خبراء الاقتصاد الصهيوني في بنك "مزراحي للتنمية"، رونين مناحيم: إنّ "نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي انكمش مقارنة بالربع السابق ومقارنة بالربع المقابل من العام الماضي، وهو رقم يشير بوضوح إلى الضرر الكبير الذي تسببه الحرب الجارية للاقتصاد".
فيما يؤكد كبير الاقتصاديين الصهاينة في "ليدر كابيتال ماركتس"، يوناتان كاتس، أنّ "نمو الناتج المحلي الإجمالي مخيب للآمال في الربع الثاني بسبب انكماش الصادرات (السلع والخدمات) وضعف الاستثمارات".
ويقول كاتس، الذي توقع نمو الاقتصاد بنسبة 2.3 في المائة: إنّ أرقام النمو الأبطأ من المتوقع "ترجع في الغالب إلى قضايا العرض: لا تزال استثمارات البناء منخفضة بنسبة 26 في المائية على أساس سنوي بسبب نقص العمال الفلسطينيين".. مضيفاً: إنّ "إغلاق الأعمال في الشمال والجنوب (الزراعية والتجارية) يؤثر أيضاً في النمو".
وتأتي بيانات النمو الضعيفة في أعقاب خفض التصنيف الائتماني للكيان الصهيوني من A+ إلى A الأسبوع الماضي من قبل وكالة "فيتش"، التي قالت: إنّها تتوقع أن تستمر الحرب حتى عام 2025.. مُحذّرة من أنّ التصعيد إلى جبهاتٍ مُتعددة قد يؤدي إلى "إنفاق عسكري إضافي كبير وتدمير البنية التحتية وأضرار أكثر استدامة للنشاط الاقتصادي والاستثمار".
وكانت فيتش ثالث وكالة ائتمان عالمية تخفض التصنيف الائتماني للكيان الصهيوني هذا العام، بعد "ستاندرد آند بورز" و"موديز",
وفي يوليو المنصرم، خفض بنك "إسرائيل" المركزي توقعاته لنمو الاقتصاد.. مشيراً إلى زيادة خطر التصعيد مع حزب الله اللبناني على الحدود الشمالية.. حيث توقع أن ينمو الاقتصاد بنسبة 1.5 في المائة في عام 2024، و4.2 في المائة في عام 2025.. وهذا أقل من توقعات النمو السابقة في أبريل التي بلغت اثنين في المائة في عام 2024 وخمسة في المائة في عام 2025.
ورجح مناحيم أن يتعثر نشاط الاقتصاد بالنظر إلى النصف الثاني، ومع ذلك، يعتمد الكثير على التطورات الأمنية في المنطقة وعلى مسألة درجة شدة تأثير الحرب على الاقتصاد".. قائلاً: إنّ "الاقتصاد يعمل بكامل طاقته، وعدد الوظائف الشاغرة آخذ في الازدياد، وكذلك صعوبة شغل الوظائف بالعمال المحترفين، وهو ما سيستمر في تقييد النشاط ونمو الناتج المحلي الإجمالي".
واعتمادًا على بياناتٍ صهيونية رسميّةٍ فقد كشفت صحيفة (يديعوت أحرنوت) الصهيونية عن ارتفاع عدد المستوطنين الذين يغادرون الكيان إلى الخارج وذلك في ضوء زيادة التهديدات واستمرار الحرب على غزة وانخفاض مستوى المعيشة وتفاقم حدة الانقسام الداخليّ.
وبحسب معلوماتٍ لم تؤكّدها سلطات العدو في "تل أبيب" فإنّ عدد الهاربين من الكيان وصل إلى مليون شخص منذ بدء العدوان على غزّة في أكتوبر الماضي.
وفيما تشير التقارير الإحصائية إلى تفاقم الهجرة العكسية من "إسرائيل" بعد اندلاع الحرب على غزة، لوحظ الإعلان عن تأسيس حركات وجمعيات شعارها (لنغادر معًا)، والتي استقطبت عشرات آلاف المستوطنين الصهاينة.
وبحسب الإعلام الصهيوني، فإنّ نصف مليون شخص غادروا الكيان المُحتل في الأشهر الستة الأولى من الحرب، في وقتٍ أصبحت فيه الهجرة نحوها أقل بكثير مما كانت عليه قبل الحرب، وتبلغ نحو 2,500 مهاجر شهريًا.
وفي فبراير، غادر نحو 20,000 شخص الكيان، وفي مارس غادر نحو 7,000، وبإضافة الوافدين والخارجين في أبريل إلى العدد العام، فإنّ الفجوة لصالح عدد الخارجين وصلت إلى نحو 550,000 ألف شخص، وفق الإعلام الصهيوني، الذي اعتمد بطبيعة الحال على بياناتٍ رسميّةٍ من الحكومة الصهيونية.
في السياق ذاته، وبحسب دراسة صادرة عن مركز تراث (بيغن)، فإنّ 59 في المائة من الصهاينة في الكيان المُحتل توجهوا أوْ يفكرون بالتوجه إلى سفاراتٍ أجنبيّةٍ للاستفسار وتقديم طلبات للحصول على جنسياتٍ أجنبيّةٍ، بينما أبدت 78 في المائة من العائلات اليهودية دعم أبنائها الشباب للسفر إلى الخارج.
وفي دراسة أعدّتها ونشرتْها وزارة الاستيعاب الصهيونية، تَبيَّن أنّ ثلث اليهود في الكيان الغاصب باتوا يؤيّدون فكرة الهجرة، وخصوصًا بعد معركة (سيف القدس)، في مايو 2021، وهو تاريخ كان المتوقّع في الإحصاءات الفلسطينية، كما الصهيونية، أنْ يكون عدد اليهود في فلسطين التاريخية قد وصل، قبل سنة منه، إلى 6.9 ملايين نسمة، في مقابل 7.2 ملايين عربي.
ووفقًا لأرقام وزارة الاستيعاب، غادر "إسرائيل" واستقرّ في الخارج، منذ مطلع 2021، ما مجموعه 720 ألف مستوطن يهودي، في حين سَجّل العام نفسه تفوّقاً في ميزان الهجرة المعاكسة لمهاجرين يهود هم في الأساس قادمون من الخارج.
وفي الوقت الذي توقع فيه محللو بورصة "تل أبيب" نمو اقتصاد "إسرائيل" 5.9 في المائة خلال الربع الثاني من العام 2024، وهي ذات النسبة التي توقعتها وكالة بلومبرغ وجاءت الأرقام أقل من التوقعات لتسجل 1.2 في المائة.
وتعكس الأرقام فشلا لقطاعات الاقتصاد الصهيوني في التكيف مع تبعات حرب غزة لا سيما الإنشاءات والزراعة والخدمات والسياحة، وفق الأرقام التي كشف عنها مكتب الإحصاء الصهيوني هذا الأسبوع، وسط توقعات بمزيد من القتامة لما تبقى من العام الجاري 2024.
ولم تشهد استثمارات الأصول الثابتة أي نمو خلال الربع الثاني، بينما انكمشت الواردات، باستثناء الدفاع والسفن والطائرات والألماس، بنسبة 7.3 في المائة على أساس سنوي.
ووفقاً لتقرير وكالة بلومبرغ الأمريكية، يرجع جزء كبير من التباطؤ في الاستثمارات الثابتة إلى ركود قطاع البناء الذي يعتمد على العمال الفلسطينيين من الضفة الغربية المحتلة، والذين مُنعوا من دخول الكيان الصهيوني منذ بداية الحرب.
واستمر العجز المالي للميزانية الصهيونية في التصاعد في يوليو الماضي، مسجلا 8.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي على مدى الأشهر الـ12 الماضية.
وكان العجز المالي في الشهور المنتهية، خلال يونيو الماضي، نحو 7.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، بينما كانت وزارة المالية تتوقع أن يبلغ العجز 6.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، أو قرابة 34 مليار دولار.
وتؤشر هذه الأرقام إلى أن عجز الميزانية في اتساع مستمر، مما يصعّب من قدرة "إسرائيل" على تحمل كلفة الديون الناتجة لتغطية العجز، خاصة مع ارتفاع الفائدة، على الدولار والشيكل معا.
ويتجاوز الدين العام الصهيوني أكثر من 67 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة مع نحو 63 في المائة قبل الحرب على قطاع غزة في أكتوبر الماضي.. وفي المجمل، قدّرت خبيرة اقتصادية صهيونية أن الحرب على غزة كلفت الاقتصاد بالفعل أكثر من 67.3 مليار دولار.
وبينما سعى بنك إسرائيل (المركزي) إلى خفض التضخم قرب المستهدف البالغ قرابة ثلاثة في المائة، عبر رفع الفائدة منذ بداية النصف الثاني 2022، فإن بيانات يوليو الماضي تؤشر لعودة الارتفاع.
وارتفع معدل التضخم السنوي في يوليو إلى 3.2 في المائة من 2.9 في المائة في الشهر السابق، مسجلاً أعلى قراءة منذ نوفمبر 2023.. وكان هذا الارتفاع مدفوعاً بزيادة ضغوط الأسعار على الغذاء والإسكان والتعليم والثقافة والترفيه.
في الوقت ذاته، ارتفع التضخم الأساسي إلى 2.9 في المائة في يوليو من 2.7 في المائة في يونيو، مما يزيد من تعقيد الوضع الاقتصادي في ظل التحديات المستمرة.
كما شهد الكيان الصهيوني ارتفاعاً ملحوظاً في معدلي الفقر والبطالة.. فقد ارتفع معدل الفقر بنسبة 2.6 نقطة مئوية، ليصل إلى 25.3 في المائة في منتصف عام 2024، في حين ارتفع معدل البطالة بنسبة 1.7 نقطة مئوية، ليصل إلى 6.2 في المائة في يوليو 2024، مما يعني فقدان مئات الآلاف من فرص العمل.
وتتوقع وكالة "فيتش" أن تزيد الحكومة الصهيونية الإنفاق العسكري بشكل دائم بنحو 1.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي مقارنة بمستويات ما قبل الحرب، مما يزيد من الضغوط على الموازنة ومستويات الديون.
وفيما يتصل بالعواقب الاقتصادية الطويلة الأجل للحرب في الشمال مع لبنان، فإن أي زيادة في علاوة المخاطر سوف تؤدي إلى زيادة كبيرة في مدفوعات الفائدة على الدين العام الصهيوني، الذي من المرجح أن يظل في مستوى يتراوح بين 1.3 في المائة و1.5 في المائة، مقارنة بمستوى ما قبل الحرب وهو 0.8 في المائة.
وبحسب معهد دراسات الأمن القومي الصهيوني، فإن انخفاض معدلات النمو في ثلاثة سيناريوهات (استمرار الوضع الحالي، والتصعيد في الشمال، والتوصل إلى اتفاق على أساس الصفقة المقترحة لإطلاق سراح الرهائن، ووقف القتال في غزة وانسحاب قوات الاحتلال من القطاع) إلى جانب زيادة في الإنفاق الأمني، من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم خطر الركود الاقتصادي، مما قد يتسبب في مشاكل اقتصادية تذكر بفترة "العقد الضائع" التي أعقبت حرب أكتوبر 1973م (عندما استنفدت الموازنة وانخفض معدل النمو في الاقتصاد إلى النصف أو أكثر).
ورغم محاولات قطاعات الاقتصاد التعايش مع تبعات حرب غزة على مفاصل الاقتصاد الصهيوني، فشلت غالبيتها في ذلك، بصدارة قطاعات الإنشاءات والزراعة والخدمات والسياحة.. وتكشف الأرقام الأخيرة الصادرة هذا الأسبوع عن مكتب الإحصاء الصهيوني حجم الضرر الكبير الذي تسببه الحرب الجارية على الاقتصاد، وسط توقعات بمزيد من القتامة لما تبقّى من العام الجاري 2024.
الجدير ذكره أن الاقتصاد الصهيوني يواصل الاستنزاف لما يقرب من 11 شهراً مع استمرار العدوان على قطاع غزة، رغم كل الدعم الأمريكي والأوروبي اللامحدود فمؤشرات النمو وعجز الموازنة وحتى التضخم لم تعط أية إشارات إلى تماسك الأداء الاقتصادي في خضم أزمة طالت كافة القطاعات.. ويبدو بحسب مراقبين صهاينة أن حرب الاستنزاف هذه ستؤدي إلى انهيار "إسرائيل" وليس حماس.