تعز ـ سبأ : هيثم عثمان
تجدد محافظة تعز عهدها وولاءها لخاتم الأنبياء والمرسلين محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله، في ذكرى المولد النبوي الشريف، بإحياء هذه المناسبة الدينية بما يليق به عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام.
إذ تشهد كافة المدن والمديريات والقرى والعزل، استعدادات واسعة، وفعاليات تحضيرية متنوعة إحياء لذكرى مولد خير البرية ونشر سيرته العطرة وتعزيزها في نفوس الأجيال.
تعز الفيحاء تتهيأ لهذه المناسبة بتزيين الشوارع والأحياء والمباني بالأعلام والشارات والأضواء وطلاء قبب ومنارات المساجد باللون الأخضر، وتصميم وتركيب اللوحات المعبرة عن عظمة المناسبة وعن إجلال وتوقير وتعظيم أبناء يمن الإيمان والحكمة للمبعوث رحمة للعالمين.
كما تتهيأ بتجهيز ساحة الرسول الأعظم بمنطقة الجند تجهيزاً شاملاً ومتكاملاً لإقامة الفعالية المركزية واستقبال الحشود المليونية من أبناء الحالمة أحفاد الأنصار وأحباب المصطفى المختار الذين يتدفقون من قمم الجبال ومن بطون الأودية والسهول والتلال ومن كافة القرى والعزل والمديريات يوم الثاني عشر من ربيع الأول 1446ھ، تعبيراً عن المحبة والصلة والاستمرار في درب المدد والنصرة، وتجديد العهد والولاء لخاتم الأنبياء محمد بن عبدالله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله.
إن ارتباط الشعب اليمني بالرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم هو ارتباط وثيق منذ فجر الإسلام وبعثة خير الأنام عليه وآله أفضل الصلاة وأزكى السلام، ولذا فهو ارتباط قديم متجدد، ويتجلى هذا الارتباط الراسخ المتجذر بأبهى صوره وأسمى معانيه في احياء ذكرى مولده الشريف..
إن الماضي الإيماني المتسامي بمحبة ونصرة النبي خير دليل وشاهد على عظمة وحكمة الشعب اليمني وتمسكه بهويته الإيمانية، التي كانت وما زالت منذ البعثة المحمدية وحتى اليوم هي الحبل المتين الذي يربط اليمنيين ببعضهم البعض ويربطهم بالله ورسوله.
وقد كان أبناء اليمن، شعب الإيمان والحكمة والمدد والنصرة على مر التاريخ متكاتفين في مواجهة كل التحديات بالتزامهم الإيماني وهويتهم الأصيلة، واستطاعوا من خلال ذلك تجاوز كل الخلافات، وإيجاد قوة عملية تغلغلت في كل جوانب المجتمع، حيث مثلت الهوية الإيمانية حجر الزاوية في فكر ووعي وثقافة وسلوك أهل يمن الحكمة والإيمان.
ولذلك سعى أعداء الله ورسوله وأعداء الشعب اليمني خلال العقود الأخيرة الماضية إلى طمس الهوية الإيمانية الأصيلة لليمنيين وحرفهم عن الدرب القويم في الارتباط بالله ورسوله الكريم، وكذلك إلى تقويض تكاتف وتلاحم أبناء الوطن الواحد من خلال إثارة الفتن والنعرات وإذكاء فتيل الخلافات الطائفية وتمزيق النسيج المجتمعي.
لكن وعلى الرغم من كل تلك المساعي الحاقدة، ظل الشعب اليمني ثابتاً على مبادئه العظيمة متمسكاً بهويته الإيمانية الأصيلة، وماضياً بقوة وثقة وعزيمة في درب العزة والحرية والكرامة تحت راية قيادته الثورية الحكيمة ممثلة بالسيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، مجسداً عظمة انتمائه والتزامه الإيماني، رافضاً الخضوع للأعداء وأجندتهم الحاقدة ومخططاتهم الماكرة.
وتمتاز محافظة تعز في الاحتفاء بذكرى مولد الحبيب المصطفى، بموروثها الثقافي الصوفي المتفرد فكراً وذكراً ومحبةً وحضوراً، إذ تعد دوحة العشق الصوفي المحمدي وقيثارة المديح النبوي، ولها نمط بديع في التعبير عن الوصل والاتصال والمحبة والامتثال والتعظيم والارتباط بالرسول وآل بيته الأطهار، حتى أن مدح النبي وإنشاد القصائد البديعة في حب رسول الله وحب آل بيته، أصبحت ترانيم صباحية مسائية يرددها أبناء تعز الحالمة وتعويذة تطرد كل شيطان رجيم ورقية تشفي العليل وتسعد الشقي وتداوي الجريح وتغني الفقير بحب البشير النذير والسراج المنير.. والتاريخ يشهد ويحكي عن آلاف من القصص والحكايات التي تفصح عن عظمة ذلك الارتباط وتلك المحبة لرسول الله وآل بيته.
احتفال أبناء تعز بالمولد النبوي الشريف من أهم المناسبات وأكبرها في حياتهم إذ يمتد لأسابيع طويلة وتذبح الذبائح في القرى والمدن وتصبح الطرقات موائد لمختلف أنواع الطعام وتوزع الأموال على الفقراء ويلبس الأطفال ثيابا جديدة وتشعل النار فوق أسطح المنازل وتعج الأربطة والزوايا والبيوت بقراءة شمائل الحبيب المصطفى وبالصلاة والسلام عليه وعلى آله.
ولم يكن الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يقتصر على يوم ميلاد خير خلق الله بل إن منظومات المولد تُقرأ في مناسبات عديدة وتقام لها الحلقات في المساجد كل أسبوع على أقل تقدير.
ولذلك لم يفت المد والفكر الوهابي في عضد أبناء تعز الذين تشربوا من زلال العشق المحمدي فتحققوا بحقائق الصدق في الارتباط والصلة وتساموا بالوعي والمحبة، فلم يستطع ذلك المد والفكر المنحرف الضال أن يؤثر على الارتباط القوي، ولم يحقق هدفه في طمس الهوية الإيمانية اليمانية الأصيلة.
وجاءت المسيرة القرآنية لتعزز وتعيد توثيق روابط الولاء والمحبة لله ورسوله وآل بيته وتعيد إحياء تلك المناسبات التي تجعل القلوب معلقة بمحبة الله ورسوله.
واليوم ونحن على أبواب ذكرى المولد النبوي الشريف للعام 1446هـ، فلا غرابة أن تجد تعز قد تحولت في شكلها ولونها ورونقها وبريقها، إذ تكتسي بحلة بديعة الجمال ذات ألوان وشارات وأضواء سندسية خضراء تزين مديرياتها ومدنها وعزلها وقراها وسهولها وجبالها وأرضها وسمائها، وهكذا أيضاً بقية المحافظات.
فها هو الوطن يستعد ويتزين لاستقبال ذكرى مولد خاتم الأنبياء، هذه المناسبة العظيمة والغالية على قلوب اليمنيين جميعاً وكل المسلمين والمؤمنين الصادقين في أنحاء الأرض.
وبالتأكيد ستكون تعز كما هو عهدها على الدوام سباقة ومتميزة في إحياء هذه المناسبة والاحتفاء بها على نحو متفرد وليس له مثيل، وبما يعكس حقيقة تعظيم وإجلال ومحبة رسول الله الأعظم سيدنا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم.